الإرهاب كائن أعمى، تقود عصاه دول ومنظمات وتستخدمه في الحالات القصوى لحاجتها في إيذاء الآخر .. ولا يمكن للبشرية أن تتخلص من هذا الداء والوباء إلا بتجفيف منابع الرعاية والعناية والحماية والدعاية، ووضع حد للمطامع الذاتية وكبح جماح الازدواجية في مفهوم المحاربة، والمجابهة.
فالعالم سيظل يعاني ويلات الإرهاب، ويقاسي من عاره ودماره، طالما عاث اللغط والغلط والشطط في كيفية العلاج والمكافحة، لأن عناصر الإرهاب، لا تعيش في فضاءات خارجية، وإنما هي تنمو كأعشاب شوكية على أرضية واقعية تقوم بعض الدول بريها بماء الخبث، والعناية بأشواكها حتى تنمو وتكبر وتتفشى، وتنتشر وتصبح سيلاً جارفاً يقضي على الأخضر واليابس.
والاتحاد العالمي من المشرق حتى المغرب، هو السبيل لإنقاذ البشرية والوعي بأهمية توحيد الرأي والرؤية تجاه مرض عضال، لا تكسر شوكته إلا قدرة العالم على توحيد الصفوف ورص الجدران، وتنقية الوجدان من المآرب والمثالب والعواقب، والتخلص من الأنانية والتحرر من استخدام الأدوات الحادة، التي قد تجرح من يستخدمها قبل غيره.
فالآلاف من البشر ذهبوا ضحية هذا الطحن اليومي، ومقدرات شعوب سحلت تحت رحى المواجهة المنقوص، ولا حل لأن الرؤية الضبابية تجاه هذا الأذى بعثرت القدرات وشتتت الإمكانيات، وأصبح التخبط مكاناً للحلول الصائبة التي تقطع دابر مرض العصر، ولا ثمار ناجحة في ظل الخلافات الأيديولوجية بين الدول، وتضارب المصالح، وغياب التقارب في توجيه الأنظار باتجاه العدو المشترك.
في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في العاصمة أبوظبي منذ أيام، اجتمع العالم على كلمة سواء بأن الإرهاب هو التهديد الهادر والغادر والجائر، ضد شعوب العالم قاطبة، وهذا ما يجعل مطالبة دول العالم بأن تحدد الأهداف وتضع الأدوات القاصمة لظهر الإرهاب، وعدم تلوين الأشياء حسب الرغبات والمصالح والظروف، وأن يصير الاتحاد العالمي لمكافحة الإرهاب هو استراتيجية وليست تكتيكاً مرحلياً حسب ما ترتضيه كل دولة، وما يتلاءم مع ظروفها .. ولا يحق لأحد أن يقول «إذا سلمت أنا وناقتي ما علي من رباعتي»، فالإرهاب لا صديق له، لأنه الكائن الهمجي المتوحش يفترس وتغرس أنيابه أينما حل وارتحل، ولا مجال للتراخي مع كائن لا يعرف غير الموت سبيلاً للنمو وبسط النفوذ .. نتمنى أن يعي العالم أجمع مدى الخطورة التي يشكلها الإرهاب على جميع الشعوب دون تمييز ولن تستثني مصائبه أحداً من الشعوب من دون تمييز، ولن تستثني أحداً مصائبه وخرائبه وغرائبه، وشوائبه ولا سبيل لنا إلا أن نكون، أو لا نكون.


marafea@emi.ae