استضافت الإمارات خلال الأيام القليلة الماضية، العديد من المؤتمرات والفعاليات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية الكبيرة، بما يجسد المكانة الرفيعة للدولة في مختلف الميادين والمجالات، ويؤكد في الوقت ذاته ديناميكية وحيوية دبلوماسية الإمارات بقيادة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية. وقد كانت استضافة الاجتماع الوزاري الثالث لأعضاء المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الأحدث في هذا المجال. وشهدت معه العاصمة أبوظبي الافتتاح الرسمي مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف “هداية”.
وجاء احتضان الإمارات لمقر المركز الجديد إدراكاً لمسؤولياتها نحو محيطها الإقليمي والمجتمع الدولي، ووعياً بأن التصدي بقوة لاستئصال شأفة هذه الآفة يتطلب جهداً دولياً وتعاوناً عالمياً أوسع لضمان الأمن والاستقرار الذي بات كلاً لا يتجزأ في عالم القرية الكونية. وبهذا الوعي والإدراك كانت للإمارات مبادرات نوعية واستباقية لمساعدة مجتمعات اكتوت بلهيب التطرف والعنف، هناك في أفغانستان واليمن والصومال وغيرها. وكانت تلك المبادرات تركز على معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب والتطرف، وفي مقدمتها الجهل والبطالة وغياب التنمية الحقيقية والشاملة في تلك المناطق. وكذلك نشر الوعي والفهم الصحيح برسالة الإسلام وقيم الوسطية والاعتدال التي تميز دين الحق، والذي يتخذ منه ستار “الأبوات الجدد” الذين احترفوا القتل والتدمير وسفك دماء الابرياء الآمنين والمستأمنين في الكثير من المناطق التي تحولت ملاذات آمنة غير بعيدة عنا في تخوم باكستان مع أفغانستان وفي العراق واليمن والصومال وفي أجزاء على تماس مع رقعة الثوب الخليجي الواحد. وقد استهدفت بعض المجتمعات الخليجية من قبل أعداء الحياة الذين أرادوا النيل من أمنها واستقرارها.
كما كان للإمارات مبادراتها السباقة والاستباقية في التفاعل مع الحرب العالمية على ألإرهاب، بمراجعة العديد من اللوائح والتشريعات مما أتاح لها قصب السبق في هذا المجال لضمان صون المجتمع عن شرور تلك الفئات الباغية وتجفيف منابع تقتات منها.
إن الرهان دائماً على الفرد والإنسان في كل مجتمع من أجل التصدي للتطرف، وحفظ الشباب منه، وتفنيد المزاعم التي يروج لها أخوان الشياطين والمتأسلمين الذين خرجت من عباءتهم تنظيمات إرهابية متطرفة نشرت القتل والتدمير والترويع في كل مكان طالته أياديهم الملطخة بدماء الأبرياء. والتاريخ شاهد على هاوية قادوا إليها من نجحوا في التغرير بهم نحو المهالك، ودمروا مجتمعات مزدهرة ومستقرة، يتطلع الإنسان فيها للعيش الكريم وحقه في التعليم و الخدمات الصحية، وهي من ابسط تطلعات الإنسان أينما كان.
وجاء تفاعل المجتمع الدولي مع مبادرات الإمارات في هذا المجال وتقديره الرفيع لها تعبيراً عن وحدة مواقف دول العالم للتصدي لأولئك المارقين ممن يريدون النيل من الحضارة الإنسانية التي تقوم على قيم نادى بها الإسلام الحق قبل أكثر من1400عام، وهي قيم التسامح والتعايش والحوار ونبذ القتل والتدمير والدعوة بالتي هي أحسن. فأين الخفافيش من هذه الدعوات والقيم الناصعة بنور العلم والتعلم الذي يحرمونه ويحاربونه في مجتمعات تئن من نزيف دامٍ متواصل تتسببوا فيه، وأقرب مثال أمامنا قضية الصبية ملالا.
“هداية” رمز حرص الإمارات والعالم على رص الصفوف وتوحيد الطاقات للتصدي لبرابرة العصر.


ali.alamodi@admedia.ae