قال ابن الأعرابي‏:‏ قلت للفضل‏:‏ ما الإيجاز عندك؟ قال‏:‏ حذف الفضول وتقريب البعيد. وقيل لأعْرابي‏:‏ كم بين مَوْضع كذا وموضع كذا قال‏:‏ بَياضُ يوم وسَواد ليلة‏.‏ وقيل للخليل بن أحمد‏:‏ مالك تَرْوي الشِّعر ولا تَقُوله! قال‏:‏ لأني كالمِسَنّ أشْحذ ولا أقْطع‏.‏ وقال رجلٌ لخالد بن صَفْوان‏:‏ إنك لتكْثر قال‏:‏ أكثر لضَرْبين أحدهما فيما لا تُغني فيه القِلْة، والآخر لتمرين اللّسان فإنَّ حَبْسه يُورِث العُقلة‏.‏ وكان خالد بن صَفْوان يقول‏:‏ لا تكونُ بليغاً حتى تُكلِّم أمَتك السَّوداء في اللّيلة الظَّلماء في الحاجة المُهِمَة بما تَتكلَّم به في نادي قَومك‏.‏ وإنما اللّسان عُضو إذا مَرّنته مَرَن وإذا تَركته لَكِنَ كاليد تُخَشِّنها بِالمُمَارسة والبَدنِ الذي تُقوِّيه برَفّع الحجر وما أشبهه والرِّجْل إذا عُوِّدت المشي مشت‏.‏ قال محمد بن منصور كاتب إبراهيم وكان شاعراً راوياً وطالباً للنحو عَلامة قال: سمعتُ أبا دُواد ‏"بن جرير الإيادي"‏ وجَرى شيء من ذِكْر الخُطَب وتَمْييز الكلام فقال‏:‏ تَلْخيصُ المَعاني رِفق، والاستعانة بالغَريب عَجْز، والتَّشادُق في غير أهل البادية نَقْص، والنَّظر في عُيون الناس عِيّ، ومَسُ اللِّحية هَلَع، والخُروج عما بُني عليه الكلام إسْهاب‏.‏ قال‏:‏ وسمعتهُ يقول‏:‏ رَأْسُ الخَطابة الطبْع وعَمُودها الدربة ‏"‏وجناحاها رواية الكلام"‏ وحَلْيُها الإعراب وبَهاؤها تخيّر اللَفظ والمَحبَّة مَقرونة بقلّة الاستكراه‏.‏ وأنشدني بيتاً في خُطباء إياد‏:‏ يَرْمُون بالخُطب الطِّوال وتارةً وَحْي المَلاَحظ خِيفَةَ الرُّقباءِ وتكلم ابن السمَّاك يوماً وجارية له تَسمعِ ‏"‏كلامه"‏ فلما دخل ‏"‏إليها‏"‏ قال لها‏:‏ كيف سمعتِ كلامي؟ قالت‏:‏ ما أَحسنه‏!‏ لولا أنك تُكْثِر ترْدادَه‏!‏ قال‏:‏ أرِدده حتى يَفهمه مَن لم يفهمه، قالت‏:‏ إلى أن تًفَهِّمه من لم يَفْهمه يكون ‏"‏قد"‏ مَلَّه من فَهمِه‏.‏ الأعشى: ألَــــــمْ تَغتَمِضْ عَيناكَ لَيلَة أرْمـــَدَا، وبت كما بــــات السّليمَ مسَّهدَا وَمَا ذاكَ مــــــِنْ عِشْقِ النّسَاءِ وَإنّمــَا تَناسَيتَ قَبلَ اليَوْمِ خُلّـة َ مَهدَدَا وَلكِنْ أرى الدّهــــــرَ الذي هوَ خاتــِرٌ إذا أصلحتْ كفايَ عــادَ فأفسدا شبـــــابٌ وشيبٌ، وافتقــــــارٌ وثورةٌ فلله هذا الدّهـــــــرُ كيفَ ترددا ومازلــــــتُ أبغي المالَ مدْ أنا يــافعٌ وليداً وكهلاً حينَ شبتُ وأمـــردا Esmaiel.Hasan@admedia.ae