يمثل أمام القضاء في أبوظبي اليوم خمسة متهمين بتهم حيازة وتعاطي المخدرات والاتجار بها. وما استوقفني في هذه القضية بالذات، التي ربما تشهد المحاكم عشرات القضايا المشابهة لها المتعلقة بالمخدرات، صغر سن المتورطين فيها، إذ تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والعشرين، وهم من جنسيات خليجية وعربية وآسيوية، وهي قضية تكشف مستوى استهداف تجار السموم لأهم شريحة من شرائح المجتمع، ونعني الشباب رهان كل الأوطان، وهؤلاء التجار بلا شك ينشطون في وسط يستهدف في المقام الأول شباب الوطن.
كما استوقفني كذلك، تصريحات مصدر مسؤول في مكتب النائب العام في أبوظبي، لدى كشف النقاب عن هذه القضية، وهو يطالب “الأسر بمراقبة أبنائهم في عمر المراهقة ومتابعة سلوكهم وصداقاتهم”، مؤكداً الأثر السلبي لرفقة السوء في جر الشباب إلى هذه السلوكيات الإجرامية التي تدمر مستقبلهم وتؤذي المجتمع ككل، موضحاً أن هؤلاء الشبان “يواجهون تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام”، وأن عائلاتهم “تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية المصير الذي سيؤول إليه إبناؤهم المتهمون في هذه القضية”، مؤكداً عزم النيابة العامة بألا “تدخر جهداً في التصدي بحزم وشدة لكل ما من شأنه الإضرار بالمجتمع، خاصة تجار المخدرات الذين ينظر إليهم القانون باعتبارهم قتلة حقيقيين يستهدفون ثروة الوطن الأغلى، وهي شبابه”.
شيء غاية في الألم، ويحز في النفس أن تجد مراهقاً لم يتعدَ السادسة عشرة أو السابعة عشرة، يروج ويتاجر في المخدرات، بعد أن أدمن تعاطيها وأصبح يجر غيره ممن هم في سنه للهاوية التي هوى إليها.
بيان النيابة العامة في أبوظبي يدق الناقوس من جديد، مذكراً كل فرد، وبالذات أولياء الأمور، ويذكر كل أب وكل أم، بمسؤولياتهم، وفي مقدمة ذلك، حماية أبنائهم من رفقاء السوء الذين يزينون الخبائث لأغرار لديهم أوقات فراغ طويلة، وفي جيوبهم مال وفير وضع بين يديهم للتدليل والتنعم به.
إن بيان النيابة العامة يجب أن يجد صداه في البداية من دوائر القضاء والعدل تحديداً، بإنزال العقوبات القصوى بحق المروجين وتجار السموم وكشف هذه العقوبات للرأي العام بصورة دورية من أحكام إعدام وعقوبات قصوى أنزلت بحق تجار المخدرات، ليكونوا عبرة لكل من يريد السوء بالمجتمع وشبابه. ويجب ألا تأخذنا بهم رأفة أو شفقة، بدلاً من “تسمينهم” في السجون، وهم الذين أرادوا تسميم شبابنا، ثم نجد بعضهم بعد فترة يسلم لبلاده لقضاء بقية محكوميته، ونحن نعلم مصير أمثالهم في بلدان تزدهر فيها الرشى، والقانون فيها في إجازة وأسير “بلاغة” محامين يفعلون الأعاجيب لمن يدفع أكثر.
كما أن هذه الواقعة تذكرنا مجدداً بأهمية تكثيف جهود الشرطة المجتمعية، خاصة لمتابعة ما يجري في مقاهي الإنترنت وأماكن اللهو والسهر حتى ساعات متأخرة، حيث يتوقف المرء متسائلاً عن الحاجة المجتمعية التي تبرر فتح أبوابها حتى ساعات الفجر الأولى، وقد أصبحت أوكاراً يصطاد فيها رفاق السوء أبرياء ويضعونهم عند أول طريق الانحراف. في أعناقنا أمانة غالية، صونها مسؤوليتنا جميعاً، لحماية أغلى ثروة لدينا من رفاق السوء وتجار السموم، قبل الندم حين لا ينفع الندم.


ali.alamodi@admedia.ae