”شارع السلام سابقاً” خيراً فعلوا بتغيير اسمه، لأن بعض المسميات الكبيرة والمطلقة لا تعني شيئاً إذا لم ترتبط حقيقة بأحداث من التاريخ وما يخص المكان، حتى أننا نبالغ أحياناً في تلك المسميات التي تطلق على العموم، فأذكر أن في أبوظبي هناك شارعين باسم الكرامة لا يبعدان عن بعضهما عشرة كيلو مترات، المهم بعد افتتاح النفق الجديد الذي اعتقدنا أنه لن يخلص إلا بعد انتهاء الخطة السنوية العشرية، من كثر ما حفروا ودفنوا وكسروا وعبّدوا وحولوا وأعادوا توسعته وصيانته قبل افتتاحه المنتظر منذ أعوام، وقسطوا مدد افتتاحه على مراحل، إلا أنه في النهاية افتتح بعد ما ضاقت رئة المدينة من الزحام والتحويلات، غير أن المستعملين للشارع والنفق الجديد، وخلال الأسبوع الأول وما بعده، وجدوا أن الزحام مثلما كان، وأن ضغط السيارات أزداد، وأن الحركة تخلو من الانسيابية، والكل يسأل عن السبب، هل هي الإشارات المرورية؟ أم أن السيارات كثرت عن الحد اللازم، ولم يعمل الخبراء حسابهم، أم أن التوسعة بحاجة إلى توسعة أخرى جديدة ولسنوات مقبلة؟ شارع السلام سابقاً لم يعد سمحاً! ? من الأمور التي تؤلم كل إعلامي غيور ومهني أن يجد خبراً عن بلده في الصحف الأخرى، وصحف البلد المعني بعيدة عنه، وتريد أن تتناساه مع الوقت، ولا تعلق عليه أو تتابعه، إن فتح مثل هذا الباب الخارجي، وإغلاق الباب الداخلي يشي مع الوقت بنتائج لا تحمد عقباها، وتجعل من الآخرين أوصياء عليك، ويحق لهم إن زادوا، وحوروا، وزوروا، ووضعوا السم في دنان العسل، متى نسبق الخبر، ونستبق الأحداث، ونفعل شيئاً جميلاً لإعلام بلدنا في الداخل، دون أن ننتظر تلك الحسنات أو السيئات من الخارج! ? هناك كم من المشاريع تطرح عندنا خاصة وعامة ومشتركة، بود الإنسان أن يتابعها، وينظر لنتائجها، ويقيمها بعد أن يغيب عنها الوهج الإعلاني والإعلامي، وبعد ما ينتهي دور “الماكيتات” والمشاركة في المعارض، وبعدما تنطفئ شعلة البهرجة والتسابق والمزايدة عليها، هي في البداية أحلام تناطح السحاب، ثم ما تلبث بعد أن يستفيد المستفيدون، ويلطمون خيرها، أن تنقشع السحب وتظل الأحلام حديداً مركوزاً عارياً تصليه الشمس، ويستدعي غبار الأيام! ? هناك كم من الفشل، علينا أولاً الاعتراف به، وعدم نسيانه أو تناسيه أو غض الطرف عنه أو تجاهله، ومن ثم مناقشته بروية، والنظر له بحكمة، لنقف على الأقل على المسببات، إن كانت خارجية عرفناها، وأبعدناها، وإن كانت من أنفسنا وداخلية، عرفنا أنفسنا، وقوّمناها! ناصر الظاهري | amood8@yahoo.com