في كل مرة يزور فيها المرء قسم ترخيص المركبات بمرور أبوظبي يلمس نقلة جديدة وأداء متطورا يختصر مراحل عدة، كانت تستنفد الكثير من الجهد والوقت وتختزل رحلة المعاملة المرورية لأدنى متطلباتها الأساسية، وفوقها ابتسامة ترحيب ورضا بأداء واجب نحو المراجع. يلمس كل ذلك في إدارة شرطية ويتعامل مع عسكريين وعسكريات وموظفين وموظفات وفنيين، غيروا كل تلك النظرة التي ارتسمت وانطبعت في الأذهان حول مستويات الأداء في مرافق حكومية، فكيف إذا كانت تابعة للشرطة ووزارة الداخلية؟. ولكنها وزارة وإدارات غيرت مفاهيم التعامل مع المراجعين رأسا على عقب، بكل معنى الكلمة. وجرى تحقيق نقلة في مستوى الخدمات المقدمة لمراحل متقدمة من التميز، لذلك لم يكن غريبا أن تحصد الوزارة وإدارات شرطة أبوظبي أغلب جوائز التميز الحكومي، وتنال جوائز عالمية عن ممارسات وتجارب قدمتها. ولعل ما أشرت إليه في ذلك القسم مجرد نموذج وصورة من صور الأداء الذي ينطلق من استراتيجية الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لأجل الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة بما ينسجم ورؤية القيادة الرشيدة لتصبح دولة الإمارات “إحدى أفضل دول العالم أمنا وتعزيز جودة الحياة لكل من يعيش على أرضها”. وقد تلقف الرسالة رجال آمنوا بإمكانية تنفيذ وتحقيق هذه الاستراتيجية والأهداف وعكفوا على العمل بها وتحقيقها، كما نلمس في مستويات الأداء بمختلف إدارات وأقسام القيادة العامة لشرطة أبوظبي. وفي مقدمتها هذا القسم الذي أشرت إليه، ويتردد عليه يوميا مئات المراجعين لغايات الترخيص أو التجديد ويلمسون بقوة ارتقاء الأداء عاما بعد عام عندما يتوجهون إليه لتجديد ترخيص مركباتهم. ومقابل هذا الصورة الزاهية، نجد وزارات ودوائر مدنية اخرى يعشق موظفوها عبارة “راجعنا في الغد”، ولا تنسى تجيب معاك صورة من ومن ومن ومن إلى جانب الأصلية. وبعد توفير تلك الصورة والأوراق التي تلزم وغيرها مما يلزم، تكتشف أن الموظف الذي طلبها سيراجعها فقط، ويطلب التوجه بها لمبنى آخر، تابع لذات الإدارة، ولكن على بعد كيلومترات إضافية أخرى. لذلك ليس بمستغرب أن تستقر في قاع برامج التقييم في الأداء المؤسسي أو تعزف عن المشاركات فيها. إن فكرة الموظف الشامل الذي تعتمده إدارات شرطة أبوظبي ووزارة الداخلية، يفترض أن يكون نموذجا ومثالا يحتذى لمثل تلك الدوائر وموظفيها من عشاق التسويف والتأجيل، والتفنن في وضع العقبات والعراقيل لمراجعيهم إلا من يعرفون أو لديه “واو”. ففي تلك الدوائر الخدمية للأسف تقطع المعاملات مراحل يمكن اختصارها في خطوة، ومع هذا تجد العقليات التي لا تتزحزح والمتمسكة بهذا النمط من الأداء المتحجر. التغيير النوعي والأداء المتميز الذي واكب النموذج الأول الذي ذكرته، تقف خلفه رؤية وإرادة وقناعة بأن تقديم الأفضل والتميز في الأداء ليس من المستحيلات. والمطلوب الخطوة الأولى للانطلاق نحو طموح بلا حدود باتجاه المركز الأول والصدارة. وهو ما قامت به وزارة الداخلية وادارات شرطة أبوظبي، ونلمسه يوميا كما في تراخيص المركبات والعاملين فيه، ولهم كل التقدير والإعزاز. ali.alamodi@admedia.ae