هل تشي الوجوه بأسرارها؟ أم هي قراءات لانطباعات أولى عن النفس البشرية التي لا يمكن أن تحكم عليها، بعض الوجوه تشعر أنها تنطوي على أسرار دفينة، بعضها الآخر منبسطة لا توحي إلا بوقائع اليوم، وجوه ترى فيها هزائم العالم، ووجوه أخرى ترى فيها الفقر ككائن مستوطن، وأخرى كثيرة، محايدة ولا يمكن أن تستشف منها جرحاً أو فرحاً! ترى شخصاً، ويشعرك شكل وجهه أنه تخصص أرامل غير باكيات، ولم يسعفهن الحظ أن يجربن الحياة طويلاً ومديداً مع المقبور، المأسوف على شبابه، هذا النوع من الوجوه مع الوقت تصبح غبراء كتراب المقابر، ولها روائح الحنوط والكافور، رأت المستشفيات كثيراً، والمحاكم أكثر! ترى شخصاً فتحس بأن شكله شكل شيكات مرتجعة، ولا أمل في تحصيلها في الوقت القريب، هذه الوجوه كثيراً ما تلقاك في بداية أي عمل بالضحكة والبسمة، ومحاولة زرع الثقة في النفس، لكنها في وقت التحصيل، تجدها تسيل من الاعتذارات والتبريرات! ترى شخصاً فلا يوحي لك شكل وجهه إلا أن يكون تخصص نصب على المدرسين العائدين من الخليج، تراه يمدح هذه الدول غير مدرك أن قطر ليست إمارة ضمن اتحاد الإمارات، ومع ذلك ترى وجهه كله مشاريع واعدة، واستثمارات ناجحة، ويدخل على قلوب هؤلاء المتعبين كل شهور السنة في الخليج من باب سافر، ولا يهمك، كل شيء عليّ، سأتابع، وأتدبر الأمر، خلي في بطنك بطيخة خليجي! ترى شخصاً، فتوقن أن شكل وجهه شكل واحد تخصص فليبينيات، من اللاتي يقعن عادة فريسة سهلة في يد أول نصاب، يقدم عادة وجهه بسلسلة ذهبية رفيعة جداً، ويمكن تقدير ثمنها بسهولة، وبغداء في مطعم صيني بائس في أطراف المدينة، وبتذكرة فيلم رومانسي، بعدها فتش عن شخص يستطيع أن يكفكف دموع الفليبينية، ويواسي قلبها المحطم، ويستر على ما ينبض في أحشائها! ترى شخصاً، فيوهمك شكل وجهه بأنه من “بتوع ربنا” إذا توفق قال: هذا من فضل ربنا، ولا شكر، وإذا خسر، قال: لم يشاء ربنا، ولا صبر، وإذا أراد أن ينصب على واحد، قال: توكلت على ربنا، ولا أعتبر، هذا الوجه لا تعرف موقعه من الإعراب، لأنه يعتقد أنه متحصن بآيات ربنا، لكن آخرته إن شاء ربنا، لن تكون بعيدة عن جهنم ربنا! ترى شخصاً فلا يوحي لك وجهه بتلك اللحية المخنجرة، وهو مكتنز و”مازر” كندورته الطربال إلا بمراجعة شبه يومية لمراكز التسويق الزراعي، وتقديم طلبات للبلدية، ومنازعات في العمل والعمال، وشراء سيارات مستعملة. amood8@yahoo.com