هناك قضايا تستفزك، لدرجة أنه ليس بإمكانك الإمساك عن الخوض فيها، متحدياً «قلة الحيلة»، ومتحدياً هذا الصوت القادم من داخلك يطلب منك أن تظل على الحياد، أو هذا الذي يحدد مكانك بأنه «على الشاطئ» ، وبالتالي، ليس من حقك أن تلج فيه أو تسبح، فقد يغرقك أحد الطرفين. والمفروض أن للاختلاف مواطنه، وأن اللوائح والقوانين، هي الشيء الوحيد الذي ليس بإمكان اثنين أن يختلفا حوله، فهو عقد بينهما، قبلاه وأقرا بصحته، وارتضياه نهجاً للفصل بينهما إذا ما دب نقاش، أو خلاف في وجهات النظر والمواقف، لكن أن تشعر أن اللوائح «مطاطة»، أو أنها عرضة للتمزيق، عندها تتصاعد أكثر الرغبة في تحدي «قلة الحيلة». أقول ذلك، بعدما تابعت خلاف نادي الشباب الذي بدأ مع الأهلي بخصوص اللاعب حمدان قاسم، ثم امتد بعد ذلك ليصبح بين نادي الشباب ولجنة الاستئناف، فقد حولت قلعة الجوارح خصومتها إلى اللجنة، وأخشى أن أقول، إن المتتبع للمواقف والتصريحات، يرى في موقف الشباب، وفي تصريحات رئيسه سامي القمزي الكثير من الحق، اللهم إلا إذا كان في اللوائح ما يخفى علينا، وإلا إذا كانت المادة الخامسة من لائحتي الأخلاق بالفيفا، وميثاق الشرف باتحاد الكرة ليست كما أوردها القمزي، والتي تلزم في الفقرتين الأولى والثانية بأن «يكشف المسؤولون قبل انتخابهم، أو تعيينهم عن أي مصالح شخصية لها علاقة بوظائفهم، وأن يتجنبوا أي تعارض في المصالح، تنقص من قدرتهم على أداء واجباتهم بأمانة واستقلالية، وتشمل المصلحة الشخصية حصولهم على أي مصلحة لأنفسهم، أو أسرهم، أو أقاربهم، أو أصدقائهم أومعارفهم». قد يكون حكم لجنة الاستئناف بخصوص اللاعب وأحقية الأهلي في التعويض صحيحاً، لكن لأن في اللجنة يوسف خليفة حماد، وهو شقيق أحمد خليفة حماد المدير التنفيذي للنادي الأهلي، فقد بات في الأمر «عوار» من حق الشباب أن يستثمره، وأن يتمسك به وأن يطالب ببطلان قرار الاستئناف بطلاناً مطلقاً، وكان الأولى بالأخ يوسف خليفة حماد أن يعتذر عن عدم المشاركة في نظر هذه القضية بالذات، وربما كان الأولى ولا يزال عند تشكيل اللجان ألا تضم في عضويتها كل من تربطه صلة بمسؤولي أي من الأندية، لأنها ستصبح مع توالي الأيام والمباريات أطرافاً في أزمات، لا سيما أننا لسنا في مجتمع «ملائكي»، وأصحاب القضايا ومحاموهم يبحثون عن أي ثغرة ولو «ظنية» للتشكيك من خلالها في القرارات والأحكام. أيضاً، لست أدري سر قرار اتحاد الكرة بأن يوسط رئيسه يوسف السركال بين الناديين «الشباب والأهلي» لحل المشكلة ودياً، فهذه ليست خصومة خاصة على شأن بين اثنين من الأشخاص، لكنها لوائح وقوانين، نحن كرأي عام متابع علينا أن نعرف علامَ انتهت، ولماذا انتهت ومن كان معه الحق، وما هي أسانيده، ومن جانبه الصواب ولماذا.. فهكذا تدار المؤسسات والهيئات، أما «الخواطر» فلها مجالها فيما بيننا في «المجالس» وليس في الاتحادات. كلنا مع انتهاء المشكلة، ومع أن تستقر الأمور، لكننا قبل ذلك، مع ضرورة أن نعرف من أخطأ ومن أصاب، وهل اللوائح التي قرأنا عنها صحيحة ونحن طبقناها، كما يجب أم أن الاحتراف لدينا مطلوب من اللاعبين فقط. كلمة أخيرة: إذا اختلفنا حول اللوائح فماذا عسانا نفعل مع «الاجتهاد»؟ mohamed.albade@admedia.ae