في بداية هذا الاسبوع انضمت كل من النمسا والمجر إلى ملف الصقارة الدولي، الذي قدّمته دولة الإمارات إلى منظمة اليونسكو لتسجيل الصقارة كتراث عالمي في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية. هذا الخبر أعلنت عنه منظمة اليونسكو خلال اجتماع اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي للبشرية، الذي عقد في مقر المنظمة في باريس، بمشاركة وفود 146 دولة عضوا في اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وأعلنت المنظمة عن قائمة عناصر التراث الثقافي المعنوي على المستوى العالمي. يمثل انضمام النمسا والمجر لهذا الملف الذي أتوقع أيضاً أن تنضم إليه دول أخرى في المستقبل، أهمية كبرى حيث تتولى دولة الإمارات مسؤولية الملف الدولي للصقارة، وتقوم بالتنسيق والتعاون في هذا الصدد مع العديد من الدول العربية والأجنبية. وتأتي أهمية ذلك في نجاح دولة الامارات في تسجيل هذا التراث والنشاط الانساني ضمن التراث العالمي، فالصقارة جزء أصيل من تراثنا الاماراتي والخليجي، الذي يجب أن يعرفه العالم، بعد أن استطعنا الحفاظ عليه ولا نزال، رغم التطور المادي الكبير الذي اجتاح العالم. من وجهة نظري لم يكن تسجيل الملف وانضمام دول أخرى إليه هو الانجاز الوحيد الذي قمنا به، ولكن جاء تقرير لجنة الخبراء التابعة لليونسكو بأن الملف الذي تقدمت به دولة الإمارات هو أفضل ملف دولي تم تقديمه لها حتى الآن، وقالت إن الملف مبني على عمل ميداني غير مسبوق، ودراسة علمية، وتوثيق دقيق. وهذا أيضا مدعاة للفخر ودليل على قدرتنا على التخاطب مع العالم والتجمعات الدولية باللغة التي يفهمونها، وهي لغة العلم والتوثيق والبحث، وهذا التميز ساهم في اهتمام الصحافة العالمية بالملف وإشادتها بدور الإمارات في حشد عدد من الدول المهتمة بالصقارة وتقديمها ملفا متكاملا. وأشارت اليونسكو إلى أهمية استخدامه كمرجع في تقديم هذا النوع من الثقافات المعنوية. جاء التتويج المعنوي لما تقدمنا به أيضا عندما قال فرانك بوند رئيس الرابطة العالمية للصقارة إنه لولا الجهود التي بذلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، لما أمكن تحقيق هذا النجاح للملف وتسجيله في اليونسكو، وقال بكل وضوح “لا بدّ أن نحني الرأس احتراماً لما يحظى به التراث في دولة الإمارات من اهتمام من أعلى المستويات القيادية بالدولة وعموم أفراد الشعب، فالصقر ليس مجرد طائر يستخدم للصيد هنا وإنما هو رمز تتمثله الدولة في أهم رموزها بداية من عملتها الوطنية، وطوابعها وشعار الكثير من الفعاليات والأنشطة التراثية والاجتماعية فيها”. دائماً لا يأتي النجاح صدفة، ولكنه يأتي بناء على جهد وفكر وعمل منظم قائم على العلم والبحث والدراسة، ويأتي أيضا بناء على عقول يمكنها استيعاب الافكار المختلفة، واستيعاب ثقافة الآخر، وفهم للعقل الانساني والطبيعة الانسانية المعاصرة. وخلف كل هذا يكون الإصرار والحب الموجود في قلوبنا وعقولنا للوطن الذي نريد لرايته أن تحظى دائما بالاحترام والتقدير في المحافل العالمية، لتقف كتفاً بكتف مع العالم المتطور والمتقدم إنسانياً، وأقول لكل من عمل في هذا الملف: دعونا نشكركم جميعا على هذا العمل المتقن، والجهد المخلص.. وحياكم وحياهم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com