جاءت مبادرة «أبشر» الهادفة لتوظيف أكثر من 20 ألف مواطن، لتؤكد من جديد حرص دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، على إنسان الإمارات، وتعزيز مكانته ودوره في مجتمعه، فهو محور الاهتمام، وهو العنصر الأهم ضمن اهتمامات الدولة، وهو الأساس الذي يناط به حاضر ومستقبل البلاد. ولعل تركيز هذه المبادرة على الفرص الوظيفية في القطاع الخاص، يؤكد الدور المهم الذي يلعبه هذا القطاع ليس في اقتصاد الدولة فحسب، بل في الجوانب الاجتماعية والبشرية والمعيشية المختلفة، فالقطاع الخاص حافل بالعديد من الفرص الواعدة، ووصل إلى مرحلة تحتم عليه المساهمة بشكل أكبر في خدمة القضايا الوطنية والمجتمعية على اختلافها، والتي يعد توظيف المواطنين واحداً من أبرزها. ومع إطلاق مبادرة «أبشر» والدور الكبير الذي تلعبه وزارة شؤون الرئاسة في تطبيقها لتؤتي ثمارها المرجوة بأساليب مبتكرة، من المهم أن تأخذ شركات ومؤسسات القطاع الخاص على اختلافها، هذا الموضوع بقدر أكبر من الجدية، فالجهود التي تبذلها الحكومة تأتي انطلاقاً من حرصها الشديد على تحقيق مصالح مواطنيها، ومن المهم أن تكون هناك قناعة لدى القيادات كافة في القطاع الخاص، بأهمية بذل أقصى الجهود والتعاون التام مع الحكومة لإنجاح خططها الاستراتيجية، ويجب على هؤلاء المسؤولين أن يدركوا بأن توظيف المواطنين، وإيجاد البيئة الملائمة والجاذبة لهم، مسؤولية يجب عليهم تحملها والعمل على تحقيقها. صحيح أن السنوات الماضية شهدت تجارب ناجحة لتوطين بعض المجالات في القطاع الخاص، مثل البنوك والاتصالات والطيران وغيرها، ولكن الملاحظ أن العديد من المؤسسات العاملة في هذه القطاعات مرتبطة بالحكومة بشكل من الأشكال، لكن المهم في المرحلة المقبلة هو أن نرى نماذج أخرى للتوطين في قطاعات لا ترتبط بالحكومة، وهو ما يتطلب الكثير من الجهد من جانب مؤسسات القطاع الخاص. فمن المهم أن يعمل القطاع الخاص على توفير وظائف مناسبة بأجور جيدة، فبعض الشركات الخاصة كانت طوال السنوات الماضية، تبخل وتقدم «أقل القليل»، رغم أنها تحقق أرباحاً جيدة، وهو الأمر الذي يجب معالجته والتعامل معه بجدية أكبر. فالفارق في الرواتب بين القطاعين الحكومي والخاص، كان من أهم العقبات أمام توجه المواطنين للقطاع الخاص، وبالتالي فمن المهم أن تعمل الشركات على تقليص هذا الفارق، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تحلت بشيء من الكرم، وقامت بمنح عروض أفضل، إلى جانب المميزات التي تسعى الحكومة إلى توفيرها للمواطنين العاملين بالقطاع الخاص. صحيح أن بعض الشركات العاملة في القطاع الخاص، دعمت العناصر المواطنة لديها ومنحتها الفرص المختلفة واستقطبت أعداداً من المواطنين، ولكن تبقى تلك التجارب نماذج يجب أن يطبقها السواد الأعظم من الشركات والمؤسسات الأخرى العاملة في القطاع الخاص. من الواضح أننا مقبلون على مرحلة جديدة بالنسبة للقطاع الخاص، الذي وجد في أسواق الدولة تسهيلات قل نظيرها في العالم، وبيئة عمل ومناخاً استثمارياً أسهما في إنجاح أعماله بمختلف مجالاتها، لكن المرحلة الجديدة تتطلب بعضاً من العطاء من جانب هذه الشركات، ومن الواضح أن ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية لن يعود مجرد شعارات تتغنى بها بعض الشركات، لكنه سيصبح التزاماً حقيقياً يتوجب على القطاع الخاص الوفاء به، خصوصاً أن هذا القطاع يضم اليوم أكثر من 4 ملايين موظف، وبالتالي فلا يفترض أن يواجه مشكلة في استيعاب 20 ألفاً فقط من المواطنين. hussain.alhamadi@admedia.ae