لا شك أن حصول سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، على جائزة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية لعام 2012، يمثل نقطة تحول للمرأة الإماراتية والعربية، لأنه في المقام الأول اعتراف بما تحصل عليه من دعم رفيع المستوى، وبالتالي، لم يعد أمامها من عذر مقبول للركون أو عدم اللحاق بالركب، فالمساندة تأتيها من أعلى المستويات، وبالتالي عليها أن تتمسك بالفرصة السانحة، وأن ترد الدّين، إنجازات ومنصات تتويج. أروع ما قرأت من تعليقات على الجائزة، كان ما قاله معالي عبدالرحمن العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والطبيعي أن يقول كلامه من هذا الطرح الرفيع، فهو يرى أن العالم بعد هذه الجائزة الممنوحة من بيت الرياضة العالمي، بات يعلم أن للمرأة العربية من يدافع عن مكتسباتها ويدعمها، وأن في هذا الجزء من العالم، من يؤمن حقاً بفكرة المشاركة بين المرأة والرجل في الرياضة، ويمهد التربة الخصبة لتلك المشاركة، وأن ترسيخ تلك الصورة في «الذهن الجمعي العالمي»، يعد مكسباً إضافياً، تحقق بفضل وعطاء «أم الإمارات». المرأة.. تلك هي المسألة كما يقولون، وتلك هي المعطيات التي تناغمت مع بعضها، فأدت في النهاية إلى برهان ساطع، تمثل في حصول سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك على تلك الجائزة، التي تعدل في قيمتها جائزة نوبل ولكن على الصعيد الرياضي، انطلاقاً مما تحظى به الحركة الأولمبية الدولية من احترام عالمي كبير، نظراً لتمسكها بسلسلة من المبادئ والمبادرات الإنسانية التي تتجاوز حدود المنافسة الرياضية الشريفة القائمة على روح الهواية، المتحررة من قيود ومنغصات الاحتراف. القيمة الحقيقية للجائزة، لم تكن في بطولة نُظمت هنا أو هناك، ولا في مؤتمر تبنته «أم الإمارات» وآزرته وساندته، ولكن في الحالة العامة التي عرفت طريقها إلى عقل وروح وكيان المرأة الإماراتية والعربية بصفة عامة، فأن تتصدى سموها بنفسها لهذه القضية، كان هذا وحده إيذاناً بأن المرأة هنا، هي بالفعل شريكة للرجل، وأن من حقها أن تفخر وتزهو وأن تشارك، مستندة إلى ركن ركين، ودعم لا يوازيه دعم. القيمة الحقيقية للجائزة، تنبع من الاسم الغالي على قلب كل إماراتي وعربي، ولذا كانت الفرحة عامة، لأنها جائزة للإمارات بأسرها، ببناتها ورجالها، أمهاتها وأطفالها.. كانت جائزة للعمل والجهد والمساواة، وقد لخصت سموها كل ما يمكن أن يقال في هذا الخصوص، حين أكدت أن الجائزة «ثمرة غرس زايد ورعاية خليفة»، فاستلهمت سموها الماضي والحاضر، واستشرفت أيضاً آفاق المستقبل، بتأكيدها العميق على أن منجزات المرأة مصونة عبر تاريخ هذا الوطن المعطاء، ومصونة في حاضرها وفي مستقبلها بإذن الله. نعم، تمكنا أن نترك بصمتنا في «الذهن الجمعي العالمي» وأن نصل إلى العالم بالطريقة التي يعرفها وتواكب في الوقت نفسه موروثنا، فطافت قيمنا دول العالم من خلال فعاليات رعتها سمو «أم الإمارات»، لتقول «نحن هنا»، والمرأة العربية بإمكانها أن تسابق وأن تنافس وأن تجري صوب المجد، ولكن الأهم أنها تفعل كل ذلك ضمن مرجعيتها الشامخة، وبفضل هذا الشموخ انحاز العالم لـ«أم الشيوخ». كلمة أخيرة: الجائزة الأولمبية تتويج لكل الوطن، في شخص «أم الوطن» mohamed.albade@admedia.ae