أحيانا يبكي الطفل حتى تلاحظ وجوده، ويزيد في البكاء ليؤكد لك أنه موجود، ومن الأطفال من يشاكس طوال الوقت حتى يسترعي انتباهك، هناك من يكبر ويستخدم حيل الطفولة بمعايير الكبار فيكون وقعها أثقل وأكثر إزعاجاً. أريد أن أنجح وأثبت للكل بأنني الأفضل! سأعمل حتى يرى الناس، لن أسكت عن أي خطأ، لن أخفض صوتي حتى يعلموا بوجودي أنا ناجح! لا بأس أن تكلمت بتكلف قليلا، ولا أحد يلومني أنا، أنا لا أظلم أنا دائما صح، هناك من يتربص بي… وساوس وحقائق و”إيجو” عال، يخطف عفويتنا وتلقائيتنا. يقف مثل هذا الشخص بمنتصف دائرة مغلقة ويخلق حالة من الصراع، ويجعل حياته ساحة حرب ويبدأ معركته مع الآخرين “هذا يغير مني وذلك ينافسني ..يجب أن أحذر من هذا وذاك”، وينسى أنه لا يحارب إلا ذاته، يفقد توازنه لأن الانتقاد عنده ممنوع وغير مقبول في كثير من الأحيان، أنت لا توافقني إذا أنت ضدي! ليهرب السكون والسكينة من نفسه. ينسى مثل هؤلاء الأشخاص أنهم لن ينجحوا في أعين الآخرين إن لم ينجحوا أمام أنفسهم، لا أحد يقف أمامنا سواء ضعفنا وهروب البعض من مواجهة ضعفه بالكلام وتكبير التفاصيل الصغيرة، فتمرد الطفل الصغير وبكاؤه، داخل كل شخص منا، ولكن هناك من يقف عند صوت بكاء هذا الطفل وهناك من يسكته ويكمل طريقه بسلام. النفس البشرية عالم من التناقضات بين الذات من الداخل والبيئة الخارجية المحيطة للشخص، وعندما يغدو إثبات الوجود هاجسا للفرد يفقده الكثير وربما أكثر مما يريده من هذا الإثبات. تحتاج أحيانا أن تخرج من دوائر النفس البشرية وأن تغمض عينيك وتتخيل كل ما يسعدك ويضيف البهجة على حياتك…دع أحلامك السعيدة تطول، ابحث عن الذبذبات الإيجابية من حولك، وانطلق نحو الصوت واللون والشعور، فالسماء مشمسة ودافئة وصوت الأذان يضفي للنفس السكون والطمأنينة، اصنع لنفسك نسيج خيوطه من اليوم والأمس والغد، لا تنس أن تغلق الباب على كل ما يزعجك، لا تهتم لصوت الذبابة ولا إلى طنينها، لا تقرأ حظك اليوم واجعل القدر يفاجئك مع كل إشراقة، اسمع صوت الحياة ..الرياح وزخات المطر، صوت العصافير مع بزوغ الفجر..السيارات وأبواقها..ابتسم وأنت تتشاجر مع أحدهم لأنك بذلك حتما ستنهي العراك لصالحك، اعمل بجد ولا تخاف على وجودك…تحدث بهدوء فصوتك العالي ليس قوة واجعل وجودك بعملك وتهذيبك…لا تسرق أحلام الآخرين لأنك ستهرب منها في النهاية وتبحث عن غيرها وتنسى من أنت وماذا تريد. الحياة لا تكون بك وحدك، وأنت لن تدركها إلا بوجود الآخرين أنت موجود دام الكل من حولك. ameena.awadh@admedia.ae