كثيرون من جيل اليوم لا يعرفون المزيد عن جزيرة سقطرى اليمنية المستلقية بهدوء وعزلة في حضن المحيط الهندي، فللجزيرة التي تحوي حياة بيئية وأشجاراً نادرة الوجود مكانة في التاريخ البحري لأهل الخليج إجمالاً والإمارات على وجه التحديد، فقد كانت الجزيرة محطة توقف للمحاميل والأبوام المتجهة من موانئ البلاد وغيرها في المنطقة نحو سواحل أفريقيا الشرقية كزنجبار وبمبا. وكان أصحابها وبحارتها يعدونها مركز تبادل تجاري ونقطة توقف يمتد بقاؤهم فيها لسنين وأشهر، وارتبطوا بأهلها في تعاملات تجارية، وكثير منهم كان لهم صهر ونسب. وبعد التغيرات الهائلة التي شهدتها المنطقة الخليجية إثر اكتشاف النفط مضت دولها في مسيرة تنموية متسارعة الوتيرة، وبقيت سقطرى أسيرة العزلة والنسيان. بالأمس كانت جزيرة الأساطير على موعد استثنائي والأيادي البيضاء لقائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله تمتد لتلك البقعة بمكرمة جديدة تمثلت بمستشفى يحمل اسم سموه، أقيم وفق أحدث المواصفات العالمية ويضم أجهزة ومعدات متطورة لأقسامه المتعددة التي تضم في المرحلة الأولى من المشروع غرفتي عمليات وغرفة للعناية المركزة والنساء والولادة والأطفال والطوارئ، وسيشهد في المرحلة الثانية منه تشييد مبنى للعيادات الخارجية وآخر للأقسام الإدارية. لقد كان هذا المستشفى حلماً لطالما راود أهل الجزيرة الذين كانت تضطرهم الظروف لنقل مرضاهم لخارجها. وقد كان ذلك أيضا معاناة أخرى قبل افتتاح المطار الوحيد فيها، إذ كانت القوارب الصغيرة و”السنابيك” وسيلة اتصالهم الوحيدة بالبر، وهي بدورها غير متاحة خلال شهور الرياح الموسمية. وأطلق والدا أول مولود يبصر النور في المستشفى الجديد اسم خليفة على مولودهما، تيمناً بخليفة الخير، وتعبيراً عن الامتنان لقائد الإمارات وأهل الإمارات الذين لم تنقطع أياديهم البيضاء عن تلك الجزيرة وأهلها. وما زلت أتذكر أحد رجالات الخير من رأس الخيمة الذي كان يحرص سنوياً- رحمه الله- على تجهيز سفينة كاملة من المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية لتوزيعها على المستحقين والمحتاجين في الجزيرة. وتابعت قبل عدة سنوات وصول أول بعثة طبية إماراتية من”الهلال الأحمر” متخصصة في أمراض العيون، وكيف أسهم أفرادها في استعادة مسن ضرير بصره الذي فقده صغيراً، فكان أول من رآهم أبناء الإمارات، لتفيض عيناه بدموع الفرح ولسانه يلهج بالدعاء لهم ولبلادهم وقيادة الإمارات، وهي السند والعون للشقيق والصديق في كل مكان. مظاهر الامتنان العفوية البسيطة ملموسة في كل مكان تمتد إليها أيادي إمارات الخير والعطاء، في كوسوفو وفي المستشفى الإماراتي الميداني بمدينة المفرق الأردنية عندما أطلقت نازحة سورية اسم فاطمة على مولودتها، وأبوان سميا مولودهما زايد، وقد كان أول من يبصر النور في ذلك المستشفى الذي بنته الإمارات في العاصمة اليمنية صنعاء وحمل اسم القائد المؤسس طيب الله ثراه. مظاهر عفوية للتعبير عن الامتنان لدولة وقيادة وشعب يتصدر العمل الخيري والإنساني أولوياته، وتشهد ساحات وميادين العمل الخيري والإنساني بمبادراته الطيبة المباركة، والله نسأل أن تكون في ميزان حسنات أصحابها، ويديم الإمارات وقائدها منارة للخير وعنواناً للعطاء. ali.alamodi@admedia.ae