ونحن نختتم أسبوعاً من الفعاليات المتنوعة والاحتفالات احتفاءً باليوم الوطني الحادي والأربعين، ومن خلال متابعاتي للعديد منها في هذه المناسبة، تتجلى أهمية مشاركات رجال من رجالات هذا الوطن ممن واكبوا وتابعوا البدايات الأولى وإرهاصات ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة وشهاداتهم الحية عن انطلاق مسيرة قادها رجال عظام بحجم ومكانة القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رحمهما الله. وتكتسب هذه الشهادات أهمية خاصة للاستفادة منها للتاريخ ولتروى للأجيال القادمة، خاصة أن البعض منها سيدرج ضمن المناهج التعليمية الخاصة بالتاريخ الحديث للإمارات إلى جانب التاريخ الموغل في القدم لحضارات أم النار وغيرها، ومنها ما يعود لأكثر من سبعة آلاف عام خلت، بما يؤكد ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وكذلك الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن هذا الشعب ليس بطارئ على التاريخ.
وقد لعب إعلام الإمارات -على تواضع بداياته- دوراً مهما خلال المراحل الأولى لقيام الدولة، وبالذات المراحل التمهيدية لتلك اللحظة التاريخية التي انبجست عن رفع علم الدولة لأول مرة في دار الاتحاد بالجميرا في الثاني من ديسمبر 1971.
وكان لهذه الصحيفة “الاتحاد” التي نتشرف بالانتماء لأسرتها دورها، وقد تشرفت باسمها الذي أسماها إياه القائد المؤسس زايد طيب الله ثراه، لتكون نبض الدولة الوليدة وصوت الوطن وأبنائه من سيوح ومحاضر ليوا وحتى جبال الفجيرة.
وكنا قبل أيام قليلة قد فقدنا الشيخ أحمد بن حامد رحمه الله، أحد الرجال المؤسسين لإعلام الإمارات، ممن يذكرهم التاريخ بالإجلال والتقدير، لدورهم في إيجاد إعلام ينبئ ويجسد “روح الاتحاد” وفلسفته.
وأخذوا على عاتقهم “إيجاد خطاب إعلامي يقنع الناس بأن الولاء لم يعد للإمارة، وإنما أصبح للدولة الوليدة”. وكان نقل جريدة “الاتحاد” بمروحية لتوزع في المناطق الشمالية، صورة من صور الإصرار على تعريف الناس بالأهداف التي قام من أجلها الاتحاد، ونصب أجهزة تقوية الإرسال والبث الإذاعي والتلفزيوني على رؤوس الجبال الشاهقة وبين الفيافي صورة أخرى من صور ذلك الإصرار، إلى جانب القوافل الثقافية التي كنا نحتفي بمقدمها أيما احتفاء ونفترش الرمل لمتابعة الشريط السينمائي الأبيض والأسود الذي تعرضه بفرح وانبهار.
ورغم تلك البدايات الصعبة كانت السياسة الإعلامية واضحة الرسالة مدروسة الأهداف بقيادة الشيخ أحمد بن حامد رحمه الله، باعتباره أول وزير للإعلام في الدولة الوليدة، وظل في منصبه لفترة طويلة مشرفا ومتابعا لتلك السياسة الإعلامية التي تعد امتداداً لنهج الدولة، فقد كان إعلاما يقوم على توحيد الكلمة ورص الصفوف وحشد الطاقات للبناء والنماء، وينأى عن صراعات واستقطابات تعصف بالمنطقة العربية في حقبة دقيقة من التاريخ.
وتابعنا خلال الأيام القليلة الماضية شهادات عن رجالات الرعيل الأول، رسمت صورا بحاجة للتوثيق عن ملحمة بذل وعطاء وإيثار نسجت صرح الإمارات. رحم الله الراحلين وأنعم على الأحياء منهم الصحة والعافية والعمر المديد.


ali.alamodi@admedia.ae