فقط نذكرهم حين يمرون أو حين يشكون أو حين يغيبون.. أليس غريباً ألا أذكرك فقط إلا عندما تغيب.. يحدث هذا في الغالب وما سواه الاستثناء.. ففي أيامنا العادية، التي تمر بتكرار مستنسخ حد التطابق، نشعر بذلك، فربما يكون الجديد أن يغيب «فلان». نسينا أن لدينا نادياً اسمه مصفوت.. فقط تذكرناه عندما فجر مفاجأته أمس الأول بإعلانه الانسحاب من مسابقة دوري أندية الدرجة الأولى لكرة القدم، من خلال خطاب أرسله إلى اتحاد الكرة، قبل أن يتبعه بخطاب آخر، يتراجع فيه عن قرار الانسحاب المفاجئ. مسوغات قرار الانسحاب، بإمكانك أن تستنتجها، وربما لست بحاجة إلى من يجليها، ففي عالم الدرجة الأولى، يتفق «المنسيون» في مشاكلهم.. إنها الأوضاع المادية الصعبة، والتي كانت سبباً في أن يؤكد أحمد سعيد الزحمي رئيس مجلس إدارة النادي أن الأوضاع المادية التي يمرون بها دفعتهم إلى مخاطبة اتحاد الكرة لطلب المساعدة، وإلا سيكون من الصعب جداً الاستمرار في دوري الأولى. هذا ما استطاع أن يقوله الزحمي، لكن كم غيره من مسؤولي وإداريي الأندية لا يستطيعون البوح بالمشكلة، ويحاولون «ترقيع» الأمور يوماً لعل «المركب» تسير، قبل أن يواجه أحدهم حائطاً منيعاً ويعجز عن مواصلة المسيرة، وتعييه الحيلة فيشكو، وإن ضاق الأمر أكثر قد يغيب. ما قاله الزحمي نيابة عن مصفوت سبق أن قاله خميس علي الكعبي أمين السر العام لنادي العروبة وهو يصرخ شاكياً من سطو الأندية الكبيرة على لاعبيهم الشباب، واكتفائها بأن تترك لهم «العواجيز» والعائدين من الاعتزال، وحينها كتبت في ذات المكان أن كلام الكعبي، أشعرنا بأنهم في وادٍ وأننا في وادٍ آخر، نجري بالعربة، دون أن ندري أن هناك من يمشي على قدمين، وأننا نتناول قضايا أقرب إلى الرفاهية، بينما هناك من يفتقد أقل مقومات اللعبة، نتحدث عن طلبات مدربين وعن دعم هذا النادي أو ذاك، بلاعبين من الطراز «السوبر»، بينما هناك من يضرب «أخماساً في أسداس»، ربما لتوفير حافلة تقل الفريق لنادٍ آخر ليلعب معه مباراة في دوري الهواة. يومها واليوم أقول إن هؤلاء «المنسيون» بحاجة أكثر إلى الاهتمام بهم، وإن على اتحاد الكرة أن يوجه غاية جهده إلى هؤلاء تحديداً، فللمحترفين مواردهم، ولاعب أجنبي واحد في أحد أنديتنا الكبيرة بدوري المحترفين قد يحل مشاكل الدرجة الأولى بأسرها. يومها قلت وبعد ما قاله الزحمي أكرر أن حديثنا عن تراخيص الأندية، ومقاعدنا في آسيا، لا يجب أن تنسينا أن في الدرجة الأولى أندية، ربما لو تأهلت، لما تمكنت من تحقيق أبجديات الاحتراف في ظل ظروفها القاسية، نسير وكأننا وحدنا، دون أن ندري أن للركب بقية، وأن الكرة ليست في دوري المحترفين فقط. كلمة أخيرة: من يدفع ثمن النسيان ليس بالضرورة «المنسيون»، ولكن من نسوهم. mohamed.albade@admedia.ae