كل عام وانتم بخير.. احتفلنا منذ أيام باليوم الوطني الـ 41 لدولة الإمارات.. تلك المناسبة الغالية علينا جميعاً، والتي نعرف ونقدر معانيها ومغزاها، تلك المعاني التي تزداد نمواً كل عام، ونحن ننعم في وطن مستقر آمن يمتلك من مقومات الحياة أجملها وأفضلها، فالاستقرار والأمان هما بلا أدنى شك، أهم مقومات صناعة السياحة. هذا العام كانت إجازة اليوم الوطني طويلة نسبياً، والإجازات رغم أن البعض يعتبرها تعطيلا للمصالح والأعمال، إلا أنها في عالم السياحة مواسم عمل وتنشيط للسياحة الداخلية بشكل أساسي، والخارجية بشكل ثانوي. العطلات في الأعمال والمدارس والجامعات تعني المزيد من الحراك السياحي، حيث يتزايد الإقبال على السفر والسياحة الترفيهية، والعيد الوطني دائما ما يأتي في مناخ مناسب لهذه الحركة، بل من الممكن أن نقول إنها فترة سنوية ثابتة للنشاط السياحي، وقد تكون هي الإجازة السنوية الطويلة الوحيدة المعروفة والمحددة مسبقا، وهنا تأتي المعادلة الصعبة..! فكل المميزات السابقة عن إجازة اليوم الوطني تجعل من السهل ترتيب وتجهيز عروض سياحية وفندقية قبل فترة من بدء الإجازة، ويمكن الترويج لها قبل فترة والقيام بعمليات الحجز والترتيبات اللازمة لإجازة مناسبة، وهذا هو الجزء السهل الذي يقع على عاتق المنشآت الفندقية وشركات السياحة. ولكن الجزء الأصعب هو فلسفة التعامل مع هذه الإجازة السنوية الثابتة على الجدول السياحي، فهل من الأفضل أن تستغل تلك الجهات الفرصة وتقوم برفع أسعارها نظراً للإقبال المتوقع، وكونها موسما مرتفع الإقبال..؟ أم أن الأفضل هو أن تقدم العروض بأسعار مخفضة للمشاركة في هذه المناسبة الوطنية بشكل عملي ونفسي، يلامس عواطف السائح الداخلي..؟ الرأيان كلاهما صحيح، فالأول يستغل فترة الرواج لصالح تلك الجهات ويحقق أرباحاً كبيرة في فترة قصيرة، والثاني يجعل الناس تشعر بمزيد من التقارب مع تلك الجهات، وأنها محط اهتمامه وجزء من هذه الاحتفالات التي تحيط به من كل جانب. وفي الحقيقة أنا أميل إلى الرأي الثاني، فالمكاسب المادية في عالم السياحة ليست هي كل شيء، بل هي جزء من كل، أكبر وأعمق من مكاسب وقتية. المنشآت الفندقية والجهات السياحية جزء من هذا المجتمع، تهدف إلى الربح بعيد المدى، وتهدف إلى الاستمرارية في تحقيق الأرباح، ومشاركة الناس في أفراحهم واحتفالاتهم ومناسباتهم تمد جسور التواصل المستمر والدائم، وتجعل السائح “خاصة الداخلي” يشعر بالولاء لهذا الفندق أو تلك الجهة أو هذه الشركة، وذلك يحدث عندما يصل إليه الإحساس بأنها تشاركه، وأنها لا تنتهز الفرصة لتستغله وترفع أسعارها فوق المعدلات الطبيعية في أيام يريد الاستمتاع بها. كنت أتمنى أن أرى تلك الفلسفة مطبقة في إجازة اليوم الوطني عند المنشآت الفندقية، ولكنها للأسف وكعادتها كل عام، فضلت الخيار الثاني.. حياهم وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com