يطل يوم الثاني من ديسمبر، ليثير في القلب ذكريات أيام مجيدة من أيام هذا الوطن الغالي، ويحرك اللسان بالدعاء بالمغفرة والرحمة للآباء المؤسسين الذين جعلوا من أحلام مواطنيهم حقيقة واقعة، وصنعوا مقدمات ما يرفل به جيل اليوم من خير وسعادة وهناء وأمن ورخاء وازدهار بفضل من الله، وبنعمة الاتحاد الذي غدا واقعاً يومياً نعيشه ونقطف ثماره.
يوم صنع مجده بالعرق والبذل والإيثار والعطاء ونكران الذات، رجال كان الإخلاص لله والوطن والمواطنين ديدنهم، تقدمهم في لحظة مفصلية تاريخية القائد المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان وأخوه راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمهما الله، وعلى رمال سيح السديرة كانت أول خطوط الحلم الكبير الذي كان يخفق بين الأضلع، قبل أن ينبلج فجراً وضاء مع ارتفاع راية الدولة الفتية على دار الاتحاد بالجميرا في مثل هذا اليوم منذ 41 عاماً خلت، لتنطلق المسيرة بقوة وثبات وعزم لا يلين وإرادة لا تعرف المستحيل، لتصنع مجداً يعيشه واقعاً أبناء الإمارات ويقطفون ثمار نعمة الاتحاد في مختلف مناطق البلاد.
نعمة يدرك دلالتها ومعانيها أولئك الذين عانوا شظف العيش وواقع العزلة والتمزق الذي كانت تعانيه إمارات الدولة، حيث كان التنقل معاناة ومشقة تستغرق أياماً.
عندما يمر المرء بسيح شعيب، لا يعرف كثيرون أنها كانت صورة من صور عزلة الوطن الواحد قبل نعمة الاتحاد، وهكذا بالنسبة لمراكز أخرى مماثلة تمثل صفحة من تاريخ ماض بغيض طويت وإلى الأبد.
والطريق الذي يمر بسيح شعيب ويضم اليوم حارات عدة في كل اتجاه، لم يكن سوى ممر واحد مرصوف الاتجاهين تم تعبيده على نفقة دولة الكويت الشقيقة، وقامت بتنفيذه شركات سعودية وكويتية لعدم وجود شركات وطنية قادرة على التنفيذ، واليوم بفضل من الله ونعمة الاتحاد، تعد الإمارات إحدى أكثر دول العالم التي تتوافر فيها رافعات إنشاء الأبراج والمشاريع العملاقة.
شريط الذكريات يستحضر محطات تلك الأيام الجليلة التي كانت أساس انطلاقة نوعية لمسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تحققت في وطن الثاني من ديسمبر، وبنعمة الاتحاد، تواصلت في عهد خليفة الخير مسيرة التنمية والبناء، ليختفي من قاموس البلاد مصطلح المناطق النائية، وكل شبر من أرض الإمارات ينعم بثمار مسيرة الخير والعطاء ونِعم الاتحاد، مسيرة تعززت خطاها بتسلم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الراية وإطلاق عهد التمكين، لتصبح الإمارات نموذجاً للتلاحم الوطني والبناء المتفرد وواحة للأمن والأمان والرخاء والازدهار والاستقرار ينعم بها الجميع، مقابل اللجج العاتية التي تعصف بمجتمعات في المنطقة.
وفي مناسبة جليلة عزيزة استحضر أبيات لشاعر الإمارات سلطان العويس رحمه الله، يقول فيها:
ماذا أقُولُ لأرْضٍ كُنْتُ فِلْذَتَها// كانتْ بِلا بَسْمةٍ واليَومَ تَبْتَسِمُ
كانتْ لَنا الأمَّ رَغْمَ الـجُوعِ تُرْضِعُنا// واليومَ فاضَ عَلى أفْواهِنا الدَّسَمُ
وفي هذه المناسبة الجليلة المباركة، واللسان يلهج بالحمد والشكر لله، يتجدد العهد للوطن ولقائد الوطن، والأكف ترتفع متضرعة للخالق عز وجل، أن يديم نعم الأمن والأمان والرخاء والتقدم والازدهار على الإمارات، ويحفظها عزيزة شامخة بقيادة خليفة وإخوانه الميامين. وكل عام والإمارات بخير.


ali.alamodi@admedia.ae