العِفّة لغة الكَفُّ عما لا يَحِلّ ويَجْمُلُ. عَفَّ عن المَحارِم والأطْماع الدَّنِية يَعِفُّ عِفَّةً وعَفّاً وعَفافاً وعَفافة، فهو عَفِيفٌ وعَفٌّ، أَي كَفَّ وتعفَّفَ واسْتَعْفَفَ وأَعفَّه اللّه. قدِم الفرزدق على عمر بن عبدالعزيز، وكان على المدينة والياً من قِبل الوليد بن عبد الملك، فأنزله عمر منزلاً قريباً منه وأكرمه، وأحسن ضيافته. ثم إنه بلغه عنه أنه صاحب فُجور، فبعث إليه عمر بألطافِ مع جارية له، وقال: اغسلي رأسه وألطفيه جُهدك - وأراد بذلك ليعلم حاله. فأتته الجارية، وفعلت ما أمرها به مولاها، ثم قالت له: أما تريد أن تغسل رأسك؟ قال: بلى، فقربت إليه الغِسل، ثم ذهبت لتغسل رأسه، فأقبل عليها، وذلك بعين عمر، وهو يتطلع عليه. ولما خرجت الجارية إلى عمر بعث إليه: أن اخرج عن المدينة، ولئن أخذتُك فيها - ما دام لي سلطان - لأعاقبنك، ونفاه عن المدينة. فلما خرج وصار على راحلته قال: قاتل الله ابن المراغة كأنه كان ينظرُ إليّ حيث يقول: وكـنتَ إذا نزلـت بدارِ قومٍ رحـلتَ بخزيَةٍ وتركـتَ عارا ثم قدم جرير على عُمر فأنزله في منزل الفرزدق، وبعث إليه بتلك الجارية بعينها، وأمرها أن تفعل بجرير ما فعلت بالفرزدق، فألطفته، وفعلت به مثل ما فعلت بالفرزدق، وقالت له: قُم أيها الشيخ، فاغسِل رأسك. فقام، وقال لها: تنحي عني، قالت له الجارية: سبحان الله! إنما بعثني سيدي لأخدمك. فقال: لا حاجة لي في خدمتك، ثم أخرجها من الحُجرة، وأغلق الباب عليه وائتزر، فغسل رأسه، وعمر ينظر إليه من حين بعث بالجارية إلى أن خرجت من عنده. فلما راح أهل المدينة من منازلهم إلى عمر حدثهم بفِعل الفرزدق وجرير، وما كان من أمرهما، ثم قال: عجبت لقوم يفضلون الفرزدق على جرير مع عفة جرير وفجور الفرزدق، وقلة وَرَعِه وخوفه الله عز وجل! جرير: أتصـحو أم فـؤادكَ غـيرُ صـاح عشـية َهـمَّ صحـبكَ بالرواح تقُولُ العاذلاتُ: عَلاكَ شَيْبٌ، أهذا الشيبُ يمنعني مراحي يكـلفني فــؤادي مـن هـــواهُ ظَعــائِنَ يَجـْتَزِعْنَ عَلى رُماح ظَعـائَنَ لمْ يَدِنّ مَعَ النّصـَارى َ وَلا يَدْرِينَ ما سَـمْكُ القـَراح فبعـضُ المـاءِ ماء ربـابِ مزنٍ وبَعْـضُ الماءِ مِنْ سَـبَخٍ مِـلاح ســيَكْفِيكَ العَــوازلَ أرْحـَـبِيٌّ هجـانُ اللونِ كالفردِ اللياح يعــز على الطــريق بمنكبيـهِ كما ابتَرَكَ الخَليعُ على القِداح Esmaiel.Hasan@admedia.ae