الكويت بؤرة ضوء سياسية ثقافية في المنطقة، والذين يخرجون من أغشية الظلام، ولوجاً إلى الضوء، يشعرون بالأسى ما يجعلهم يستمرئون الخوض في معارك بهلوانية فانتازية، لا تقارب بينها والواقع الكويتي المشمول بالوضوح، وبلاغ الكلمة، وتنوع المعنى، ومن لا يستطيع فهم الواقع، يغمس رأسه في وحل الأحلام الكابوسية، فينهض مفزوعاً مجزوعاً، مزعزعاً، ممزقاً، وإن حاول لملمة خطواته وتوحيد كلمته لمواجهة الواقع، فإنه يقع في معمعة الفوضى، وتعكير الصفو، وغربلة النسيج، وزلزلة أعمدة البناء الواحد، لكي تنهار ويقع المبنى على رؤوس أصحابه.
هذا ما تريده فئة من الناس، أخذت على عاتقها تضخيم الذات على حساب الوطن، وتأزيم المجموع، لعلاج حالة نفسية يعاني منها البعض، لازمته إثر وقوعه في مأزق الحالة الخاصة المنفصلة عن مصالح المجتمع، وسيادة الوطن، والكويت الرائدة في مجالات الكلمة والرأي، أزعجت كثيراً فئة من الناس، اعتنقت فكرة أنا ومن بعدي الطوفان، والرأي الحر اتخذته هذه الفئة، كسكين لجز عنق الحقيقة، وملاحقة الواقع بنصال الرعب والتخويف، والتخريف والتحريف، والتجويف، وإحالة الأمن الذي تمتعت به الكويت ردحاً من الزمان إلى التقاعد، لتحل مكانه بكتيريا التوتير، وضرب الأمن الاجتماعي في صميمه وعمومه.
هذه الفئة استفادت كثيراً من معاول الفوضى الخلاقة التي ضربت أجزاء واسعة من الوطن العربي، كما استغلت تعدد المشاريع السياسية المتاحة على الساحة العربية، وراحت تتنقل من أجندة إلى أخرى، وهي في حالة الترف الأيديولوجي، وتجاهلت هذه الفئة أن الكويت ليست بحاجة إلى أجندات الآخرين، كي تتربع على عرش الرفاهية السياسية والاجتماعية، بل كل ما تحتاجه الكويت وعي هذه الفئة أن “ما يحك ظهرك إلا ظفرك”، أما الغواية والوشاية التي تنفخها أفواه من في نواياهم الكير والشر المستطير، فإنها لن تأتِي بنتيجة إلا كما جاءت به النتائج في بلدان قريبة وبعيدة، لم تزل تعاني من الوصاية، وتعيش حالة المراهقة السياسية، واليتم الاجتماعي، والعتمة الاقتصادية.
من قلوب مؤمنة بأهمية الكويت بالنسبة لنا كبلد خليجي عربي شقيق، نتمنى الصحوة لمن سلبته الغفوة، ونأمل أن تستيقظ العقول التي غشاها غيم، والآذان التي بها صمم، وأن ينتبهوا بأن الكويت أهم من نزعات الملل والنحل، الكويت هي الألباب والمقل، ومن لم يفكر اليوم في الوطن، لن يرحمه غداً الزمن، وما إغواءات الآخرين وصكوك غفرانهم إلا وسوسة شيطان رجيم، لا يريد الخير للكويت، ولا يكن لأهلها إلا شعور لئيم.. نقول: حفظ الله الكويت وأهلها، وحماها من كل مستهتر متوتر، عاثر متعثر، غابر مبعثر، سادر متجبر، غادر متكبر، ماهر في صناعة الدهاء والمكر.


marafea@emi.ae