رغم أن “إذا” أداة شرط، وجملة “هناك مشكلة” ليس جوابها، لكنها محاولة لسبر قيمة السؤال، وإن كان جافاً جافياً، فبالسؤال يصبح الجواب حاضراً أم غائباً، عالقاً في الذهن، معلقاً في الذاكرة، فبالسؤال، والبحث عن جوابه علت الأمم:
إذا لم نتوقع تقرير البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في الإمارات، بصورته السلبية، كما لم نتوقع تقارير أخرى مختلفة سابقة، ونحن محاطون بمراكز إعلامية وبحثية وشبكة من العلاقات الدولية، وأصدقاء كثيراً ما يأتون في المناسبات الوطنية.. فهناك مشكلة!
إذا لم نمض في خطى التنمية البشرية بدرجات أعلى من التنمية العمرانية والاقتصادية، ونسوّق الأولى عالمياً على أنها الهدف الرئيس لدولتنا، وهي في المقام الأول، ونبرزها في المحافل الدولية، وفي الإعلام العالمي، ولا نقتصر على إبرازها في صحف عربية سيّارة، تتحدث عنا في مناسبة العيد الوطني فقط.. فهناك مشكلة!
إذا ما بقينا نصد كل الضربات الموجهة لنا، صغيرة كانت وحسبناها كبيرة، وبقينا كحراس مرمى افتراضي لتلقي كل شاردة وواردة، عادّينها أنها تمسنا، وتمس قيمنا، وجلال دولتنا، فسنعطل مصالحنا، ونهدر وقتنا، ونسخى بجهدنا، ونبذل مالنا في معارك هزلية لن تنتهي، إذا لم نع ذلك.. فهناك مشكلة!
إذا ما تكاتف الإعلام الوطني تجاه أي قضية وطنية، وظل يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الآخرون، وظل يقدم رجلاً، ويؤخر خطوتين، منتظراً فرج من يتخذ زمام المبادرة، ولا يتسابق على إدارة قضايانا الوطنية مثلما يتسابق على المسلسلات التركية المدبلجة.. فهناك مشكلة!
إذا ظللنا في منطقة الدفاع عن النفس، وظللنا نتلقى الأمور بردات فعل منفعلة، وظللنا متحفزين لأي أمر، وكأنه يجرح كرامتنا، وينقص من وجودنا، ويثلم مثاليتنا الافتراضية.. فهناك مشكلة!
إذا أصبحت بعض المواقع الاجتماعية أكثر فعلاً، وتأثيراً، وأكثر تجاوباً، وأكثر تفاعلاً وزوّاراً من صحفنا المحلية.. فهناك مشكلة!
إذا لم ندرك أن هناك أطرافاً مختلفة، تنغزنا بخناجر مختلفة، وبحجج مختلفة، تجرنا إلى مناطق موحلة.. فهناك مشكلة!
إذا أصررنا أن نحل مشكلات الألفية الثالثة، بمنطق الثمانينات.. فهناك مشكلة!
إذا لم تتضافر جهود كل مؤسسات المجتمع، كخلية عمل واحدة إزاء أي مشكل أو طارئ، ولم نتعلم من تجاربنا السابقة.. فهناك مشكلة!
كثيرون من المهادنين، الحالمين بعالم ساكن قد يعترضون على “إذا”، لأنه لولاها.. لما كانت هناك مشكلة!



amood8@yahoo.com