بعض الدوائر الغربية ترفض استيعاب حقائق ومستجدات العصر الجديد، عصر استقلال وسيادة الدول وحقها في إدارة أمورها وشؤونها الداخلية من دون تدخلات خارجية، أو وصاية أو إملاءات أو حتى توصيات لا تستند لحقائق موضوعية. وهذا بالضبط الموقف الذي وضع نفسه فيه البرلمان الأوروبي أمس الأول وهو يخصص جلسته لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في دولة مستقلة ذات سيادة كاملة العضوية في الأمم المتحدة ومنظماتها ولجانها المتخصصة بما في ذلك اللجنة المختصة بحقوق الإنسان، والتي عبرت عن تقديرها وارتياحها لهذا الجانب وغيره من الجوانب التي توليها الإمارات كل رعاية واهتمام.
وقبل كل شيء، السؤال الذي يفرض نفسه، كيف يسمح لهم بالتدخل في شؤوننا الداخلية بهذه الصورة الفجة؟ وبمعطيات بنيت على أكاذيب وافتراءات مصدرها “أكشاك” ما يسمى بالمنظمات الحقوقية التي تعد تقاريرها لغايات مريبة ومعروفة سلفاً.
لقد كان واضحاً نية الذين يدفعون بذلك الاتجاه الأوروبي نحو تبني مواقف متحاملة تجاه الإمارات، بتعمد تجاهل الاستماع لوجهة نظرها الرسمية في تلك المزاعم والافتراءات، وتعمد تجاهل الإجراءات والتشريعات التي اتخذتها لتحسين ظروف العمالة المؤقتة التي تصر تلك المنظمات المشبوهة على تسميتها بالمهاجرة. كما تجاهلوا جهداً كبيراً وغير خاف على الجميع قامت به الإمارات لمكافحة جريمة عالمية عابرة للحدود كجرائم الاتجار بالبشر، واضعين تلك التقارير المترعة بالأكاذيب والمعلومات المحرفة والمضللة، كما تعمدوا كذلك تجاهل ما تحقق للمرأة في الإمارات التي يضم مجلس الوزراء فيها وزيرات أكثر من بعض الحكومات الأوروبية بما فيها البريطانية وكذلك المجلس الوطني الاتحادي، وترأس امرأة وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية لاجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي المنعقدة منذ يومين في مدينة كيبك عاصمة المقاطعة التي تحمل الاسم ذاته في كندا.
إن موقف البرلمان الأوروبي الأخير من الإمارات يتطلب وقفة حاسمة، ليس فقط من قبل الدولة، وإنما من قبل كافة دول مجلس التعاون الخليجي، وعليها تعليق مسار مفاوضات اتفاقياتها مع المجموعة الأوروبية، والتي تراوح مكانها منذ عقود. خاصة بعد أن انكشفت حقيقة استخدام ملفات حقوق الإنسان كوسيلة من وسائل الضغط والابتزاز لتمرير اتفاقيات تجارية أوالظفر بصفقة ضخمة هنا وهناك. أية حرية تعبير يريدون أن يعلمونا إياها من يعتبرون انفسهم أوصياء على حقوق الإنسان، وهم الذين يصمتون عن الإساءة للأديان ولرسولنا الكريم بينما يجرمون كل من يشكك في جرائم الهولوكست؟ وأي حرية تعبير يتحدثون عنها عندما يتعلق الأمر بأمن الأوطان والدول. وقد شاهدنا كيف استنفرت البلدان الأوروبية والولايات المتحدة، وتخلت عن الكثير مما جاء في وثائقها عن حقوق الإنسان عندما تعرض أمنها القومي للخطر بعد هجمات 11 سبتمبر، ووصل حد التنصت على المكالمات والمراسلات الشخصية؟
إن الإمارات مدعوة وشقيقاتها في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لموقف جماعي من هذا التطور الجديد من جانب البرلمان الأوروبي، ورفض التدخل في شؤوننا الداخلية بمزاعم تفتقر للحقيقة والموضوعية تروج لها منظمات مشبوهة تقتات من تقارير تفصلها لمن يدفع أكثر. موقف يلقن أمثالهم درسا بأن عصر الوصاية قد ولى للأبد، ولسنا بحاجة لمحاضرات الذين ينخر الفساد والمواقف المزدوجة في سياستهم.


ali.alamodi@admedia.ae