تستعمل مفردة الجرس في معان متعددة، فالجيم والراء والسين أصلٌ واحد، وهو من الصوت، وما بعد ذلك فمحمول عليه. قالوا: الجَرْس الصَّوت الخفيّ، يقال ما سمعت له جرساً، وسمِعتُ جَرْسَ الطّيْر، إذا سمعتَ صوتَ مناقيرها على شيء تأكله، وقد أجْرَسَ الطّائر. ومما حُمِلَ على هذا قولهم للنَّحل جوارس، بمعنى أواكِل، وذلك أنَّ لها عند ذلك أدنى شيءٍ كأنه صوت؛ قال أبو ذؤيب يذكر نَحْلاً: يَظَــلُّ علـى الثَّمــراءِ منهــا جَـوَارسٌ مَرَاضيعُ صــهْبُ الرّيش زُغبٌ رِقابُها وَالجَرَس: الذي يعلَّق على الجِمال، وفي الحديث: «لا تصحبُ الملائكةُ رُفْقَةٌ فيها جَرَسٌ». ويقال جَرَسْتُ بالكلام أي تكلّمتُ به، وَأجْرَسَ الحَلْيُ: صوَّت. تَسْمَــعُ لِلحَلْيِ إذا مــا وَسْوَسَــا وارتـجَّ فـي أَجْيادهـا وَأجْرَسـا ومما شذَّ عن هذا الأصل الرجل المجَرّسَ وهو المجرّب، ومضى جَرْسٌ من الليل، أي طائفة. كان القاضي أبو القاسم التنوخي ظريفاً نبيلاً جيّد النادرة، اجتاز يوماً في بعض الدروب فسمع امرأة تقول لأخرى:‏ ‏ كم عُمر بنتك يا أختي؟‏ ‏ فقالت:‏ ‏رُزقتُها يوم صفعوا القاضي وضربوه بالسياط.‏ ‏فرفع رأسه إليها، وقال:‏ ‏يا امرأة، صار صفعي تاريخَك، ما وجدتِ تاريخاً غيره؟!‏ ‏ وكان يوماً نائماً وقت الظهيرة، فاجتاز إسكافيّ وأزعجه بصياحه في الطريق:‏ ‏ نُصلح النِّعال! نصلح النِّعال!‏ ‏ فقال التنوخي لغلامه:‏ ‏اجمع كل نعل في البيت وأعطها لهذا يُصلحها ويشتغل بها.‏ ‏ ثم نام. وأصلحها الإسكافيّ واشتغل بها إلى آخر النهار ومضى لشأنه.‏ ‏ فلما كان في اليوم الثاني مرّ بالطريق يصيح ولم يدعه ينام. فقال القاضي لغلامه:‏ ‏أدخله!‏ ‏ فلما أدخله. قال له:‏ ‏يا ابن الملعونة، أمس أصلحتَ كلَّ نعلٍ عندنا، واليوم تصيح على بابنا؟ هل بلغك أننا نتصافع بالنعال ونقطعها؟! ‏ثم قال للخدم: اصفعوه على قفاه.‏ ‏فصاح الإسكافي قائلاً:‏ يا سيدي أتوب ولا أعود أدخل إلى هذا الدرب أبداً! أحمد شوقي: اختلافُ النَهارِ وَاللَيــلِ يُنســي اُذكُــرا لِيَ الصِبــا وَأَيّامَ أُنسي وَصِفـــــا لي مُلاوَةً مِـن شَــبابٍ صُوِّرَت مِن تَصـَوُّراتٍ وَمَــسِّ عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومـرّت سِنة ً حُلـــوة ً، ولذَّة ُ خَلْــس وسلا مصرَ:هل سلاالقلبُ عنها أَو أَسا جُرحَه الزمـان المؤسّي؟ كلمــا مـــرّت الليالـــي عليـــه رقَّ، والعهدُ في الليالي تقسِّي مُســــتَطارٌ إذا البواخِــرُ رنَّــتْ أَولَ الليلِ،أَو عَوَتْ بعد جَرْس أَحـــرامٌ عَلــــى بَلابِلِــهِ الـــدَو حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae