قبل أيام كنت أمر بسيارتي على جسر بني ياس في الاتجاه الغربي للضاحية، وإذ بحركة السير بطيئة على غير العادة وسيارات متوقفة على جانبي الجسر، بينما يتصاعد دخان أسود كثيف، وعندما اقتربت من بؤرة الازدحام، شاهدت سيارة، وقد شبت فيها النيران، وصاحبها وجمهور الفضوليين الذين عرقلوا حركة السير واقفون يتفرجون من دون أن يحركوا ساكنا. مضيت في طريقي وتركت الفضوليين ومركباتهم على أمل أن يتركوا مجالا لسيارات الدفاع المدني والإنقاذ للتدخل لإطفاء الحريق المتأجج في تلك السيارة.
استعدت مشهد أولئك الفضوليين ممن يتجمعون عند الحوادث، ولايقدمون أي خدمة تذكر، بينما كنت أتابع واقعة فضوليين آخرين على شاكلتهم في أم القيوين، ممن تسببوا في وقوع حادث تصادم بين ست سيارات أخرى على شارع الإمارات المار بالإمارة. ونجمت عنه إصابة شخصين بإصابات بسيطة. هذه الصور من صور الفضول السلبي التي لايمد أصحابه أيديهم لإنقاذ أو مساعدة أي شخص في موقف يحتاج فيه إلى العون، يتطلب إجراءات حاسمة ورادعة من دوريات المرور والنجدة والشرطة إجمالاً. فالكثير من هؤلاء يتقافز من زاوية إلى أخرى لأخذ لقطة ترضي فضوله بهاتفه النقال، وبثها على الفور بمواقع التواصل الاجتماعي، وإضافة معلومات غير مؤكدة عليها ليتحول إلى شائعة من دون أن يساعد رجال الإنقاذ بأبسط أشكال المساعدة المطلوبة، وهي عدم التجمهر، والمساهمة في عرقلة حركة المرور في هذه المنطقة أو تلك بما يعرض حياتهم والآخرين للخطر.
بعض هؤلاء الفضوليين يتحول إلى عقبة ومشكلة في طريق وصول رجال الإسعاف والإنقاذ والدفاع المدني، خاصة عند وقوع حريق أو حتى مشكلة بسيطة في المناطق الداخلية من الأحياء السكنية، حيث تجد آلياتها صعوبة بمعنى الكلمة للدخول إلى تلك المناطق، على الرغم من وضوح تعليمات وإجراءات الأجهزة المختصة بسحب أي مركبة تتسبب في سد الطريق أو تعرقل وصول رجال الإنقاذ لمواقع الحوادث. وأمثال هؤلاء يتجاهلون أبسط إرشادات منح القيادة التي تدعو كل منا إلى إفساح الطريق لسيارات الإسعاف والطوارئ والمواكب الرسمية في الطريق العام، فكيف الأمر عندما يتعلق الأمر بوضع طارئ كل ثانية تحمل فرصة إنقاذ لإنسان في أمس الحاجة إليها؟. بعض هؤلاء الفضوليين يبررون عدم مد يد العون والمساعدة في الحوادث بالخوف من المسؤولية القانونية أو تبعات ذلك التدخل من”سين وجيم”، والإجراءات المعقدة التي قد تترتب على ذلك، كما يقولون. متناسين أن تصرفاتهم السلبية وفضولهم والمظاهر المصاحبة له، تقع أيضاً تحت طائلة القانون الذي يحاسبهم، وبشدة أيضاً.
أما الفضول الإيجابي، فقد تجسد خلال الأيام القليلة في سيدة بدبي لاحظت وجود أشخاص مريبين عند مدخل إحدى الصرافات، وهم ينتظرون ضحيتهم المرتقبة. وعندما لاحظت أنهم يتعقبونها أبلغت الشرطة التي أرسلت على الفور إحدى دورياتها لتعتقل اللصوص متلبسين، وفي حالة ذهول لسرعة وصول رجالها. أقول إن مثل هذا السلوك محمود، ويجعل من كل فرد فينا رجل أمن حريصاً على تعزيز واحة الأمن والأمان التي يستفيء تحت ظلالها الجميع الذين هم من الإدراك، بحيث يميزون بين الفضول الإيجابي والسلبي لأجل المصلحة العامة.


ali.alamodi@admedia.ae