جلس على الطاولة في أحد المطاعم الفخمة، وأخذ يطلب قائمة من الأطعمة لا تنتمي له، ولا لمعدته ولا تروق لمذاقه، اعتاد القيام بذلك منذ أن تزوج، فالمرأة التي تزوجها لا تعرف كيف تطبخ "الثريد والمجبوس"، هي "شاطرة" بملاحقة خطوط الموضة الحديثة وانتقاد "ستايل" الأخريات فلا أحد أفضل منها، أغمض عينيه بعد أن انتهى من إعطاء النادل طلبه، تذكر كيف اختار زوجته. قال لأخته "أريدها الأجمل بين بنات العائلة لا أريدها أي شيء آخر" فكانت زوجته الأجمل إلا أنه لا يستطيع التحدث إليها، هي لا تفقه في شؤونه، لا تفهم شيئا عن اهتماماته الأدبية ولا أفكاره الفلسفية تفرح لنجاحه، ولكنها لا تفهم لغته، هو لا يلومها فهي واجهة مشرفة له في المجتمع خريجة الجامعة الأميركية، وامرأة جميلة وهذا كان يكفيه في الماضي، أما الآن فهو يريدها أن تحاوره تحاكي أفكاره، أحاديثهم محصورة بين طلبات الأبناء والأحداث العائلية، رنين الهاتف انتشله من أفكاره ليرد على زوجته "ألو حاضر.. نعم ..لدي عمل سأقوم بإحضار الأغراض..". ? ? ? انتظرته، سيعود آخر الأسبوع، كانت لديه سفرة مع أصدقائه، دائما يذكرها بأنه يغيب لصالحها هي وأبنائه لذا ليس عليها أن تسأله عن هذا الغياب وإن طال، أفهمها بأن حياته ليست ملكا لها هناك أهله وعمله وأصدقاؤه ونفسه "كوني امرأة (سنعة)". كانت تقول لنفسها "وأين أنا من كل هؤلاء؟" عليها أن توصل أبناءها إلى المدرسة، وتذهب إلى العمل، ومن ثم مساعدة أبنائها في الواجبات، تعد العشاء والولائم له ولأصدقائه فهو رجل مسؤول عنها وعن أبنائها، لا يجب أن تزيد من همومه، عليها واجبات كثيرة أهمها أن تكون امرأة "سنعة"، فلا عتب ولا لوم يمكن أن ينصفها فالمرأة "السنعة" تلك التي تصبر على زوجها وتعينه على نفسه ولا تشتكي ولا تطلب، هي لا تريد أن …أيقظها صوته وهو ينادي عليها "أين انت يا أم …"، ركضت إليه "حمد الله على السلامة.." ? ? ? يعيش الكثير من الأزواج في الظل.. رغبة في حياة مستقرة بعيدا عن المشاكل التي يمكن أن يتسبب بها، وينسى أن هناك حوارا من شأنه رأب الصدع الموجود في الكثير من هذه العلاقات، وأن قبول الآخر على الملأ ورفضه داخليا ليس استقرارا، وأحيانا كثيرة يكون هناك شيء داخليا هو السبب في مثل هذا الفتور، والحوار يعزز الاستقرار واستمرار الحياة. ameena.awadh@admedia.ae