الجميع له تاريخ، والكثير يقرأ فيه، ولكن قلة من تقبض على قوته، ومن يفعلون ذلك هم فقط من تتجلى لهم بوضوح رؤى العزة به والفخر بكل تفاصيل هذا التاريخ.. فينصهرون فيه حباً.. ثم عشقاً وولاء.. هذا تماما ما يحدث كلما قرأت أكثر في تاريخ صحيفتنا «الاتحاد» التي أتمت يوم أمس عامها الثالث والأربعين؛ إذ تبدو القراءة في أرشيف الصحيفة المبكر وفي عقدها الأول جزءا مهما وأصيلا لمن يريد معرفة أسباب شموخ صرح جريدة «الاتحاد» لتصل بلا شك لنقطة تقبض بها على قوة هذا الوطن.
عندما انشغلت صحيفة الاتحاد في صفحاتها الأولى منذ 43 عاماً للهدف الذي أنشئت لأجله وهو الترويج لحلم الوحدة الذي شغل -المغفور له- القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، خرجت عناوينها الرئيسية تنقل المشاورات في الاجتماعات التحضيرية لحكام إمارات الساحل المتصالح وكذلك حاكمي قطر والبحرين، وتدفع في وضع قواعد واقعية لحلم أهل المنطقة في التوحد الذي بدا واضحا في تلك الفترة أنه تعدى مرحلة الحلم وأصبح مشروعاً حاضراً بتفاصيله التنفيذية في ذهن الوالد المؤسس بدليل إنشاء الصحيفة التي تحمل شعار الحلم.
من هذه التفاصيل تتعلم ماذا يعني أن يكون لك مشروع حلم تعمل عليه وتعيش لأجله، تجتر سعادتك من تفاصيل نجاحه، وتحصل على قوتك من ثنايا سقطاته؛ من تفاصيل «الاتحاد» العديدة خرجت إحباطات كثيرة عندما تراخى البعض عن زخم الحلم وتقاعس عن المشروع الوحدوي، ومن سعي البعض لإفشال الحلم أو حتى السخرية منه، وهذا ما تقرأه أيضاً في عناوين «الاتحاد» لاجتماعات الحكام، وتقرأ من خلاله اصرار آخرين على الاستمرار والمضي في الحلم رغم تراجع البعض عنه، لترى بعد ثلاث سنوات من انطلاق الحلم علم الدولة الوليدة يرفرف في صورة تاريخية التقطت لتخرج على أول صفحة في «الاتحاد» بعد إعلان دولة الإمارات وقد التف الآباء المؤسسون رحمهم الله حول رايته.
عبر صحيفة «الاتحاد» في عقودها اللاحقة يمكنك أن ترى بوضوح الحلم الحقيقة وقد تحول إلى مشروع حلم للآخرين، تراه في عيونهم عندما يمرون هنا بانبهار، أو يتحدثون هناك عن الإمارات كأمنية بعيدة المنال.
وما تزال صحيفة «الاتحاد» وعبر كل هذه السنين تقدم مشروع الحلم للآخرين عبر مدرسة صحفية جادة ورصينة تدرك خطها تماما رغم كل مغريات واقع الصحافة في العالم؛ تعبر طريقها بوقار تلك السنوات، تعبر اليوم إلى عامها الرابع والأربعين بهدوء الحكماء، تاركة أثرها عميقا في نفوس الجميع ووجدانهم حتى وإن أنكروا ذلك.. لأنها صاحبة مشروع وتحمل اسم الحلم.


Als.almenhaly@admedia.ae