في الإمارات الكثير من المواقع والمعالم التي لعبت دوراً مهماً في حياة الناس، ولقد كان نفعها عائداً عليهم بما يساعدهم على استمرار العمل والنشاط وفي أوقات كثيرة كسب الرزق، بل إن بعض المعالم القديمة هي محطات للسلامة والأمان من تقلبات الطبيعة واختلافات الظروف وتغير المواسم والفصول، ومن أهم هذه المعالم، المواقع الجبلية والجزر والخيران والموانئ الطبيعية التي صنعتها البيئة، خاصة في الماضي البعيد عندما كانت الحياة والمعيشة صعبة في كل شيء. كانت في الإمارات مواقع كثيرة مهمة لعبت دوراً مهماً في أن يستمر الإنسان في البحث عن رزقه ومصدر حياته، حيث شكلت تلك المواقع البحرية مراسي وموانئ ومصدّات لعاديات الأيام وتغير البيئة البحرية وحمت الناس من غضب البحر، وكلنا يعرف أهمية بعض المواقع البحرية في الإمارات، حيث احتل صير أبو نعير ودلما وداس وجزر كثيرة في البحر، أماكن الأمان والسلام، وأصبحت من المعالم التي يعرفها أهلنا قديماً ويحفظون الطريق إليها، ثم تحولت فيما بعد تلك المواقع إلى مصادر خير ونعمة وجمال طبيعة، بعد أن تم استغلالها اقتصادياً، مثل جزيرة داس وزركوة وجزر عديدة أخرى. حتى المواقع الأخرى أعيد لها البناء والاهتمام وأصبحت الآن من المعالم والمناطق التي يعرفها الناس جميعاً بأنشطتها المختلفة، ومنها على سبيل المثال دلما وصير بو نعير وجبل الظنة. أما «جبل علي» فهو يحتاج إلى حديث خاص، هذا الموقع المهم الآن في الإمارات والذي تحول من شبه جبل صغير أو تلة حجرية كانت في الماضي تشاهد كجبل كبير، خاصة أن وجوده في منطقة منبسطة ولا يبعد عن البحر كثيراً، لقد تحول هذا الموقع إلى مكان للعمل والنشاط الاقتصادي والتجاري ومن صحراء جرداء يقفز إلى قرية حديثة في كل شيء والآن يأخذ هذا الموقع في التوسع بصورة سريعة وتنطلق منه سائر الأعمال الصناعية والإنتاجية، بالإضافة إلى ميناء مهم في عالم الإنتاج والاستيراد والتصدير. كانت الأحاديث التي تدور حول موقع «جبل علي» مختلفة، ولم تكن ذات أهمية في يوم ما، فهو مجرد جبل صغير يهم أهل البحر بأنه مرشد لهم لمعرفة مواقع الصيد أو بعدهم أو قربهم من الساحل ومناطقهم الساحلية، وكان علامة مهمة لهؤلاء البحارة أو العابرين بين دبي وأبوظبي لتحديد مسافات الطريق وبُعد هذه المدينة عن تلك. أما اسمه فهو الذي تدور حوله العديد من الروايات، فالذي يؤكده أهل المنطقة والتي سمعتها شخصياً كثيرة مع اختلافات في التفاصيل، فهو يعود إلى بدوي اتخذ من الجبل ومغاراته الكثيرة موقعاً ومسكناً يتحصن فيه من حرارة الشمس وبرد الشتاء والرياح والأمطار، يأوي إليه بعد أن يرعى غنمه ومواشيه وإبله، والبعض يعيده إلى علي بن صالح وهو من سكان منطقة أم سقيم ويقال إنه لا يقيم هناك بصفة دائمة ولكن في مواسم الرعي، وعندما يأتي الشتاء ويسقط المطر ويخرج العشب، حيث يستمر هناك كل فصول الشتاء والربيع، بينما يقول البعض إنه يعود إلى شخص من الرعاة يدعى باسم علي تمام وهو راعٍ لا يعرف غير الماعز وتربية الماشية، وهذا اتخذ من الجبل مسكناً ومقاما حتى موته وتفرق ماعزه وماشيته في البراري. لكن العجيب أنه ورد في إحدى المطبوعات المحلية من خلال حوار يتناول الحياة الإماراتية في الماضي أن الجبل سُمي جبل علي، لأن سيدنا علياً بن أبي طالب كرم الله وجهه نام فيه وهو في طريقه إلى عُمان، وهذا من أعجب الكلام والقول ومعاكس لمن يعرف التاريخ بل حتى الجغرافيا وطريق الوصول إلى عُمان؛ فمن يحمي صحافتنا ومعرفة الناس وعقولهم من هذه الخرافات والكتابة العجيبة. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com