في الشوارع وعند المداخل الساكنة في قلب المدينة، تمر وترى ما يدهشك، ويصدمك، ترى البراميل محملة بأوزار البطر، والنعم المبذرة المبعثرة، المتعثرة، في أجواف القمامة، مختلطة بالعاثر والداثر، وأشياء أخرى.. أكوام من بقايا ونوايا غير حسنة، تراها أمامك، في حين تغط شعوب تحت وطأة الجوع والعوز، وأبناؤنا يشربون نصف أو ربع زجاجة البيبسي ويرمون الباقي في سلال المهملات، يقضمون دنف الرغيف وأجزاء أخرى تقذف في الفراغ، العصائر والبسكويت ومأكولات أخرى، بعضها بأكياسها ولم تمس، مهملة ولا حاجة لهم بها، لأنهم فرغوا وشبعوا من كل الألوان والأصناف والأنواع، ولا حاجة لهم بالمزيد، ولكن أولياء الأمور سامحهم الله، لا يألون جهداً في تكديس المطلوب وغير المطلوب، ورميه في الدواليب والمخازن والثلاجات، حتى تئن هذه المحافظ من وطأة الأثقال والأحمال، وحتى يتقزز الأطفال منها ومن شديد الشبع.. نحن في نعمة ونحسد عليها، والنعمة زوالة، وإذا لم نحافظ عليها، فإنها تصبح عدماً بعد وفرة.. لا داعي للبطر، وينبغي أن نخشى الله في هذه النعمة، ينبغي أن نتعظ من أحوال أمم وشعوب تعاني وتقاسي الأمرين، ينبغي أن نستفيد من شظف الآخرين، ونحافظ على النعمة لأنها تحدد المصير والمستقبل، وما المظاهر الكذابة إلا خدع بصرية يقع الكثيرون في شراكها ويعتقدون أن هذا جزء من البرستيج، وأن من لا يرمي نصف مائدته في الزبالة، يوصف بالبخل.. مظاهر تلقي إلى التهلكة وخراب البيوت، والكثير من الخلافات الزوجية والتي يؤدي كثيرها إلى الطلاق وشتات الأسر، سببها هذا العبث وهذه اللامبالاة، لأن الاستهلاكية المضاعفة، تقود إلى ظروف تعيسة، وتدفع بمطالبات غير واقعية وغير معقولة ولا مقبولة، ما يجعل الخلاف أمراً وارداً بين أفراد الأسرة الواحدة.. حقيقة، منظر البراميل في الشوارع ينخر العين بمسامير الأسى، لأن المقذوفات في هذه الأجواف الواسعة، هي تعم عيش المستقبل، هي رصيد ضائع وبلا جدوى، هي نفايات كان ممكنا أن تصير معاشاً لأعشاش، كان ممكنا أن تكون ذخراً لأيام وليالٍ.. ينبغي ألا تفكر فقط في اللحظة الراهنة، وطالما البلد بخير والدولة أنعمت على الجميع بخيرات، فيجب أن نتذكر ماضي الآباء والأجداد لنعرف أهمية لقمة العيش. Uae88999@gmail.com