كل صاحب يسحب صاحبه إلى ما هو عليه، وإن لم يكن ذلك بالإقناع والمحاولة، يمارس أفعال صاحبه تلقائياً مع مرور الوقت، ويستطيع الصديق أن يجّر رفيقه إلى الأفعال التي يمارسها، سواء كانت خيّرة أو ممارسات خاطئة، ومنذ طفولتنا، نسمع عن رفاق السوء وشرهم وشرورهم، والأفعال التي يقحمون ربعهم فيها، وتحذيرات الوالدين منهم ومن مصاحبتهم، والدعوات المتكررة في كل صباح ومساء إلى أن يبعد الله عنا رفاق السوء ويقربنا من رفقة الأخيار الأبرار. وكلما وجدنا أصدقاء يتصفون بالصفات ذاتها ويمارسون الأفعال والأعمال نفسها، نتذكر المقولة الشهيرة "الطيور على أشكالها تقع"، فعلاً، فسرب الطيور الذي يحلّق في الفضاء، ويجتمع فيه عشرات الطيور، حيث تجدها جميعاً متشابهة لا اختلاف بينها، وهكذا هي "الرفقة" يجتمع فيها الأصحاب على شاكلتهم في الأفعال والأعمال والهوايات. أحياناً يقع الفرد منا في إشكاليات ومصائب الزمن لمجرد مرافقته أحد مرتكبي الخطأ، حتى إن لم يكن له ذنب في الخطأ الحاصل، ولكن ذنبه فقط في مصاحبة من قام بالخطأ، لا بد من الأهالي متابعة أبنائهم ومعرفة من يصاحبون ومع من يسيرون، والسؤال عن أصحابهم وعن سلوكهم، قبل أن تقع الفأس في الرأس، ويتعلمون الخطأ أو يحترفونه على يد أصحابهم بغض النظر عن ذلك الخطأ. تربية النشء والأبناء مسؤولية تجاه المجتمع ومسؤولية تجاه الوطن أيضاً، فالوطن ينتظر منا الكثير، وكما ورد في الحديث الشريف "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"؛ فالآباء مسؤولون مسؤولية كاملة عن أبنائهم وسلوكهم، وواجب عليهم تقويمهم ومتابعتهم وتوجيههم لما هو خير لهم ولمجتمعهم. ونجد في بعض الطلبة المستهترين الذين يخرجون من المدارس ويتوجهون للمطاعم القريبة من مدارسهم أو المقاهي مخفين أنهم ما زالوا طلاباً، يمارسون ممارسات الكبار، يدخنون "الشيشة" ويلعبون "الورق" في عز النهار، في حين يتعلم أقرانهم الأسوياء معادلات الرياضيات أو التطبيقات اللغوية، أو حصص الفيزياء والعلوم المختلفة. ورغم صغر أحجامهم وأشكالهم إلا أن أصواتهم عالية، يقلدون الكبار، ولو علموا وأدركوا ماذا يتمنى الكبار لما قلدوهم، وعاشوا حياتهم بطبيعتها وطفولتها ومراهقتها، ودائماً الصاحب المسحوب، والذي "يشرد" من المدرسة ويتجه للمقاهي للمرة الأولى، تجده خائفاً يتلفت يمينا ويساراً، ويترقب لحظة انتهاء ربعه من غفلتهم حتى يعودوا لمدرستهم دون أن يراهم أحد أو يشعر بهم أحد. halkaabi@alittihad.ae