إعلان وزارة التربية والتعليم مؤخرا، انتهاء المرحلة الأولى من مشروع تدريب الطلبة على اختبار”آيلتس” للغة الانجليزية، والذي ضم نحو أربعة آلاف طالب، بهدف زيادة قدرتهم على اجتياز تلك الاختبارات التي أصبحت بوابة عبور أبنائنا لمؤسسات التعليم العالي بعد تطبيق إلزامية تدريس المواد والمساقات الجامعية باللغة الانجليزية. الإعلان يكشف عما أصبحت تمثله هذه الاختبارات من ألم ومعاناة ووجع لا يشعر به سوى الطلاب وأولياء أمورهم، وتدفع ثمنه أجيال تضيع سنوات من عمرها وهي بانتظار اجتياز بوابة اختبارات تحولت لتجارة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. فقد ازدهرت على إيقاع ذلك القرار معاهد خاصة مهمتها انحصرت فقط في إعداد الطلاب لخوض اختبارات “آيلتس”، أقل دورة فيها لمدة عشرة أيام لا تقل عن ثلاثة آلاف درهم للطالب، وقد تصل لعشرة آلاف بحسب الاسم الرنان للمعهد، وما إذا كان معلموه “نتيف سبيكرز” أم لا، أي أن الانجليزية لغتهم الأم. وعلى ذات الوتيرة أيضا ظهر مدرسون بالمقاولة، فهم يطلبون تسعيرة تزيد على العشرين ألف درهم وأحيانا أكثر، يدفع الطالب نصفها مقدما والباقي عندما يظفر بشهادة “آيلتس” حتى بالحد الأدنى المطلوب. وكل اختبار من هذه الاختبارات يتم مقابل رسم يتراوح ما بين 950 و1000 درهم. في العاصمة فقط يقدر دخل أحد معاهد الإعداد لاختبارات “آيلتس” أسبوعيا بنحو مليوني درهم، حيث تعقدها في أحد فنادق الدرجة الأولى، وقس على ذلك بقية المنافذ التي تشارك في”كيكة” الاختبارات ومستلزمات الإعداد لها. ويبقى السؤال ماذا استفاد الطلاب، والعملية التعليمية بأسرها من حمى “آيلتس” و”توفل” الذي تتمسك به وتصر عليه جامعاتنا الحكومية منها والخاصة. ونحن نقدم للنشء درسا مجانيا في الانتقاص من لغتهم العربية ونرسخ في أذهانهم أنها غير مواكبة للعصر، وما يترتب عليه من زعزعة لمكانة وعاء من أهم أوعية الوطنية. وكما ذكرت من قبل وخلال زياراتي لكوريا الجنوبية واليابان وحتى فنلندا وألمانيا وغيرها من الدول ذات التجارب التعليمية المتقدمة، التدريس في جامعاتها بلغتها المحلية، بما في ذلك المواد والمساقات العلمية، وتدرس اللغة الانجليزية كلغة ثانية، وفي أحيان كثيرة لمن يرغب. ونحن هنا وبزعم مواكبة متطلبات السوق لم يعد هناك من ينفذ للدراسة الجامعية إلا بعد اجتياز عقبة “آيلتس” الكأداء. ليس ذلك فحسب، بل أصبحت شهادة “آيلتس” من مستلزمات الترقية في بعض الدوائر، حتى وإن كان المرشح للترقية من خريجي الجامعات الأميركية والبريطانية. وفي الوقت الذي كنت أتابع فيه انتهاء وزارة التربية والتعليم من المرحلة الأولى من إعداد طلاب مدارس “الغد”، كنت أطالع تقريرا دوليا لمؤشر كفاءة تدريس اللغة الانجليزية في العالم لعام 2013، ذكر أن الإمارات رغم التقدم الذي أحرزته في تعليم “الانجليزية” خلال السنوات الست الماضية إلا أنها صُنفت في المرتبة السادسة والثلاثين عالميا من ذلك المؤشر الذي حلت السويد في المركز الأول منه، والنرويج وهولندا الثاني والثالث تباعا. وجاءت المملكة العربية السعودية في المركز الـ59 في المؤشر الذي يرصد تعليم هذه اللغة في 60 دولة من دول العالم. ومهما كان التقييم، يظل السؤال المطروح إلى أين ستقودنا اختبارات “آيلتس”؟ ali.alamodi@admedia.ae