النساء أفضل من الرجال في البحث عن المفاتيح، هذا ما نشرته صحيفة “ديلي تليجراف” لباحثين أميركيين.. لماذا؟ لأن النساء الأعمق في سبر التفاصيل، ولأنهن الأكثر صبراً وجلداً على حل المسائل المعقدة والغوص في أحشاء التجاويف الغائرة. لدى النساء قدرات فائقة في التقصي والتحقق والتبصر والتأمل وأحياناً يصل إلى درجة الشك، ما يجعل فكرة البحث تتحول إلى ترصد وترقب وتحسب وتوثب، وهذا ما يعقد أموراً كثيرة ويحرق أوراقاً كثيرة ويشعل نيراناً وأشجاناً وأضغاثاً وأحياناً ما تفشل النساء في الوصول إلى الهدف، وتتحول حاسة الشم الرهيفة إلى سكين تجرح صاحبها، فالشك يعني الإفلات من قبضة اليقين، والدخول في حلقة مفرغة اسمها العصاب القهري الذي يجبر صاحبه على التقيد بطقوس إجبارية عنيفة قد تصبح بعد حين داء وبالاً ينيخ له بصير الإنسان ويصبح منجرفاً نحو حركات قهرية تعمل بالريموت كونترول الذي يوجهه هذا المرض “العصاب القهري” كما أن العلاقة مع الآخر تبدو كحطب النار، كلما اقترب الطوفان من بعضهما طالت ألسنة النار وتشوى الحطب واستعر التنور.. والبحث في التفاصيل هو نبش في قبور تسكنها الأفاعي والعقارب، وكما يُقال فإن الشيطان يكمن في التفاصيل شيطان الحرقة والأسف والتناقضات والدفاعات النفسية وكل ذلك يحصل عندما يحضر الشك، وكم من علاقات حميمة تلاشت وذهبت أدراج الرياح بسبب الشك وكم من أسر تحطمت مراكبها على أحجار الشك وغرقت وتمزقت وتقددت وانصهرت في مواقد العصبية، والحماقات التي يشعلها الشك وبحثه الدائم عن التفاصيل الدقيقة. فلا شيء في الشك إلا وله حدان، إن لم تستطع الإمساك من قبضته الحقيقية فقد يدمي ويسوم الحياة بسوء العذاب، والمرأة بفطرتها مخلوق التفاصيل والحساسية والدقة والرقة لكن إن تحول هذا السلاح إلى نصل حاد بلا غمد فإنه يقتل صاحبه، كما يفتك بالآخر، وتصبح الحياة غابة موحشة دامية، تشيع فيها فوضى الأحاسيس وعدمية المشاعر وعجز العقل عن إيجاد الحلول الموضوعية، لفك الرموز الأسرية، وتحليل معطيات ما يجري بين الأفراد وبخاصة ما بين الزوجة والزوج، ثم ما بين الأبوين والأبناء، ثم ما بين الأسرة الواحدة والآخرين من حولهم ومعهم، البحث عن مفاتيح الحياة يحتاج إلى بصر وبصيرة، وإلى عقل ومقل، وإلى نَفس ونَفس وإلى نظرة وردية لا تصدأ مع فكرة البحث الطويلة. Uae88999@gmail.com