لا أجيد الرسم ولكني أحب مزج الألوان…لا أفهم معنى «الديكور» ولكني أعشق الزوايا.. تزدهر الحياة عندما ندركها… وتنمو النباتات وتشرق الشمس… أصوات العصافير والسيارات… أبواق وطائرات وأحاديث كثيرة… همس وصراخ… ضحك وبكاء… ضجيج جميل، ناس وأقارب وأحباب وأصدقاء وأنت وأنا… الهواء والروائح أيادٍ تتحسس كل ما حولها... الحياة بكل تفاصيلها نشعربها ولا ندركها. نستقبل يوميا كما هائلا من الشكاوى ونوردها للآخرين… الكم نفسه بأسباب مختلفة: غدر، خيانة، احباط، فشل، قطيعة، ظلم…إلخ. نرغب في الحياة التي نشكو منها نرغب فيها «أريد أن أعيش… لن أرضخ لهذا المرض»، هكذا قالت قريبة لي عندما علمت بحقيقة الورم الذي يسكن احشاءها، رافضة أن تقطع على إخوتها وأهلها روتين حياتهم ليقفوا بجانبها في محنتها. هناك طفل يحتفل بعيد ميلاده.. يطفئ شمعة ويحيا على أمل، لا يفهم ما كل هذه الأدوية ولماذا عليه أخذها كل ساعتين ولماذا سقط شعره، ولِمَ هذا المصل معلقا في يده ولماذا أمه تبكي كل يوم… لكنه مازال يذكر اباه بلعبة «البلاي استيشن» التي وعده بإحضارها وبقالب الحلوى التي نسيها في عيد ميلاده. نقف أمام هؤلاء الذين لا يبعدون عنا، هم معنا قد لا نشعر بهم كما ينبغي ولكنهم معنا. تدرك مدى سخف شكواك عندما تتألم من خيانة صديق أو ظلم لحق بك أو شوكة غرزت رأسها في طرف اصبعك. هكذا شعرت آسفة عندما أخذت إحداهن تشكو «العيال.. البيت.. العمل.. زوجي» لم يكن لشكواها معنى أن هناك من يحارب ليحيا في هذه الدنيا. أتذكر صديقة قالت لي مرة «اشتبهو بإصابتي بالسرطان الثدي… ظللت صامته وأنا أقود السيارة فيما أختي وصديقتها يتحدثون بفرح عن تفاصيل يومهم.. لم أدرك فراحهم هذا». الأمل يولد معنا، هو جزء من إيماننا بالله وبالحياة التي منحها لنا. جميل أن نحيا معهم بسعادة فالمرض ليس اختيارا بل قدرا فرض علينا وعليهم، نملك الدعاء وبث الأمل، ويملكون الإرادة والإيمان. جمال الرسم لا يمكن في الخطوط التي نبرزها بقدر الألوان التي نستخدمها، عندما نتأمل من حولنا ندرك قيمة ما نملكه… هي الحياة بكل ما تحمله من فرح وحزن.. يأس وأمل تختلف ألوانها وتتبدل من حين لآخر وتبقى فسحة الأمل. أعــلّل النفــــس بالآمـــال أرقبهــا ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ» «لـم أرتـضِ العيــش والأيّـام مقبلـة فكيـف أرضى وقـد ولّت علي عجـلِ ameena.awadh@admedia.ae