عادة ما تكون السباقات الكبرى في العالم مثل “الفورمولا -1” ذات وهج وتأثير كبير في سنواتها الأولى، ثم ما يلبث وهجها في الخفوت عاماً بعد عام، حتى تصبح شيئاً طبيعياً وعادياً ضمن الجدول السنوي للأحداث، ولكن الجولة الأخيرة من هذا السباق العالمي والتي تقام في أبوظبي أثبتت أن السباق لايزال يحتفظ برونقه، رغم مرور السنوات الخمس الأولى، وأنه مؤهل للمزيد من النجاح في الدورات المقبلة. حلبة سباق السيارات في جزيرة ياس أيضاً لا تزال متألقة ومبهرة كمكان للحدث، ولا تزال من أفضل حلبات السباق في العالم، وأذكر أن الخبراء عندما شاهدوها وقت افتتاحها قالوا: إنها ستظل الأفضل لمدة عشر سنوات على الأقل إذا فكر أحد البدء في منافستها الآن. جزيرة ياس أيضاً بدأت في تغيير شكل الحياة الاجتماعية في مدينة أبوظبي، وصارت وجهة للفعاليات والأحداث والسياحة والإقامة بما تملكه من مقومات وعوامل جذب عالمية، وبالفعل تشكل الآن إضافة مهمة في صناعة السياحة في أبوظبي، والإمارات بشكل عام. الفعاليات الفنية والثقافية التي تصاحب السباق والتي تتغير وتتطور كل عام، ساهمت أيضاً في جعل الفورمولا- 1 حدث ترفيهي يجتذب حتى من لا يشاهدون سباقات السيارات، وهذا العام كان هناك الكثير من السياح العرب والأجانب بعضهم حضر السباق نفسه ثم حضر الفعاليات على هامش السباق، والبعض الآخر حضر الفعاليات بشكل أساسي ثم شاهد السباق على الهامش. هكذا هم الناس يختلفون فيما يفضلون ويحبون ويتابعون، ودائماً تكون السياحة الناجحة، هي التي تستطيع أن تلبي الرغبات المختلفة للفئات المتعددة من الناحية الثقافية وحسب العمر والنوع، وأعتقد أن منطقة جزيرة ياس تحقق هذه المعادلة الصعبة، وبشكل متفرد في العالم، عندما تجد فيها حلبة السباق ياس، ثم مدينة فيراري كأكبر مدينة ملاهي مغطاة في العالم، والبحر واليخوت والقوارب والشواطئ، ومدينة ألعاب مائية عالمية.. كل ذلك في مكان واحد، فهذا بالفعل تميز وتفرد نحسد عليه، ولابد أن نرفع القبعة لهذا التخطيط وهذه الرؤية المستقبلية. سباق الفورمولا- 1، كحدث سنوي بالطبع مهم جداً، ولكن أيضاً النشاطات خارج الحلبة تكتسب أهمية كبرى هي الأخرى، وهذا التكامل السياحي فيما يتم تقديمه خلال أيام السباق خارج الحلبة جعل السباق ناجحاً في سنواته الخمس في أبوظبي، وأدى إلى مزيد من السياح والزوار خلال فترة السباق، حتى أننا بدأنا نسمع من جديد كلمة “الفندق محجوز بالكامل” على كل المستويات الفندقية، وهي جملة لم نسمعها منذ الأزمة الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على صناعة السياحة في العالم. وبمناسبة السباق، إذا تكلمت عن صناعة السياحة تحديداً في إمارة أبوظبي سنجد أنها استطاعت أن تحقق طفرة وقفزة كبيرة جداً بين صناع السياحة في العالم، ووضعت اسمها كوجهة سياحية ذات طابع خاص ومختلف ومتميز، وكانت إضافة كبيرة لصناعة السياحة الإماراتية.. وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com