اليوم عطلة رسمية بمناسبة العام الهجري الجديد1435، وقد تم تقديم يوم العطلة الرسمية المحددة للمناسبة بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر في جلسته الأخيرة التي اقر فيها كذلك أكبر موازنة للدولة للأعوام الثلاثة المقبلة. ولولا العطلة لما عرف كثيرون بإقبال العام الهجري الجديد أو المنصرم.
حرص الإمارات على الاحتفاء بإطلالة كل عام هجري جديد، هو مظهر من مظاهر التمسك بأصالة المجتمع وانتماء الدولة، مع ما يحمل من حرص على الاحتفاء بالمعاني والدلالات والدروس والعبر المستفادة من ذكرى المناسبة التي تؤرخ لهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، وبناء مجتمع العدل والمساواة والتعايش والتسامح الذي انطلقت رسالته من تلك البقاع الطاهرة نحو مشارق الأرض ومغاربها.
ولعل في مقدمة تلك الدروس والعبر الحكمة والصبر في التعامل مع الشدائد والمحن مع اشتداد الأذى على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعد ذلك دروس بناء مجتمع جديد بالإخاء بين المهاجرين والأنصار لدرجة الانصهار، وذلك بالحب والإيثار والإخلاص والصدق مع الله. وقدموا لبقية المجتمعات صورة زاهية لحسن التعايش والتسامح مع وجود غير المسلمين في المدينة من نصارى ويهود أقبلوا بحسن الدعوة والمعاملة إلي دين الله أفواجا.
وفي مثل هذه المناسبات المضيئة يكتسب إبراز الدروس والعبر منها أهمية كبرى، مع قيم ومضامين الوسطية والاعتدال التي جاء بها دين الحق، خاصة ونحن نشهد ما يجري في مجتمعات عديدة من إقصاء للآخر ورفض للتعايش، باسم الإسلام. ونرى انتشار التطرف والغلو والتحزب المذهبي، والقتل والتدمير تحت تلك الشعارات المتطرفة التي يريد أصحابها تسويقها والترويج لها باسم الإسلام أيضا. ونشاهد كيف يقوم المتعصبون والمتطرفون بتكفير وهدر دم كل من يختلف معهم واستباحة الأعراض والممتلكات وباسم الإسلام. شاهدناهم في مناطق عدة من عالمنا الإسلامي حيث عاثوا فيها قتلا وتدميرا ونشروا الخوف والرعب. تابعنا ما فعلوا في افغانستان والصومال واليمن والعراق ومالي وغيرها من المناطق حيث لحق بالإسلام والمسلمين أفدح تشويه.
وبشعارات الإسلام المفترى عليه تغلغل أولئك المتأسلمون ليزعزعوا استقرار مجتمعات آمنة مستقرة ومزدهرة، فلم يتوانوا عن إرسال السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة الموت المتنقل وتدمير الممتلكات من أجل
تحقيق تطلعاتهم للسيطرة والسلطة وفرض توجهاتهم القائمة على الإقصاء والاستئصال. وشاهدنا كيف دفعت تلك المجتمعات الثمن باهظا.
التصدي لهؤلاء يتطلب إلى جانب المواجهة الحازمة، تكثيف التوعية بين أوساط الشباب الغر لفضح مزاعمهم ودعاويهم بأبزار القيم التي تتجلى وتتجسد في مناسباتنا العطرة كذكرى هجرة رسولنا الكريم من الضيم والجور والظلم إلى حيث بنى مجتمع المدينة بالقيم السمحاء، وانطلقت منه رسل الحق لتنشر بين البشرية جمعاء رسالة السلام والمحبة والعدل والمساواة والتعايش بين الأمم والشعوب من دون تمييز.
وفي مناسبة جليلة مباركة، ونحن نستقبل عاماً هجرياً جديداً نتضرع للخالق عزوجل أن يديم على الإمارات نعم الأمن والأمان والرخاء والازدهار بقيادة قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وإخوانه الميامين، ويحفظها من شرور الفتن ما ظهر منها أو بطن. وكل عام والجميع بخير.


ali.alamodi@admedia.ae