ما بين كأس العالم للناشئين وجائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا-1، يعيش العالم على أرض أبوظبي هذه الأيام، سواء بالحضور إلينا لنفتح له صدورنا وقلوبنا، أو حتى بأن يشاهدنا عبر شاشات التليفزيون. والحقيقة، أن ما تنعم به الإمارات قاطبة هذه الأيام، وأبوظبي بصفة خاصة، إنما هو من بنات أفكار قادتنا الذين يريدون كل خير لهذا البلد، ومن رأى جزيرة ياس، قبل أن يترجل فيها الحلم ويراها الآن، لابد وأن يدرك حقيقة ما فعلوه لنا ومغزاه ودلالاته.. لا شيء يمثل عنواناً للحب أروع من ذلك، ولا عنواناً للوفاء أسمى من هذا. منذ أيام، وأنا أسعى للحصول على بطاقة لحضور جولة بطولة العالم للفورمولا-1، وعلى غير العادة سعدت لأن التذاكر قد نفدت، قبل أن يهديني أحد الأصدقاء واحدة وكأنه يهديني كنزاً ثميناً. من الغريب أن يسعد المرء لأنه لم يستطع الحصول على ما يريد، لكنني أدرك كما يدرك غيري أن نفاد التذاكر في هذه الحالة، يعني أن أبوظبي ذهبت إلى أبعد مدى في التنظيم، وأن حلبة ياس، لم تعد ضيفاً على البطولة، لكنها أصبحت من مفرداتها الأصيلة، ومن أراد أن يعرف كيف فليذهب إلى هناك ليأتيه النبأ اليقين. كل شيء في حلبة ياس من عالم آخر، تماماً مثلما تمضي كأس العالم للناشئين حتى الآن، وكأنها بطولة من عالم آخر.. الاستثناء هو العنوان الذي اعتدناه، واعتاده العالم منا في كل مناسبة نتصدى لها.. ربما السبب يعود إلى تلك الحفاوة المفعمة بكل معاني الحب والسلام والأمان.. لكن أبوظبي دائماً تجعل من الأحداث ذكريات لا تنسى ومن البطولات حالات إنسانية، تختزنها عقول وقلوب أصحابها، ترافقهم وهم في أوطانهم. اليوم، حين نذهب إلى جزيرة ياس، نذكر كيف كانت تلك الرمال في حالة تأهب.. في شوق لهذه النقلة وتلك الجلبة، وهذا العالم المفعم بالحياة، والذي لا مثيل له في كل حلبات العالم، فالأمر لدينا، ليس مجرد مضمار للسباق، لكنه مدينة حديثة وحاضنة للأمل والإشراق. تلك هي المعادلة التي وقفت عليها هذه الأيام، وأنا أشاهد بعض معالم الحلبة، فهي تبوح في كل مرة ببعض الأسرار، حين تعلو شواهدها الجديدة، فسكانها بدأت إطلالتهم على ربوع الحلبة من مداخلها، وفنادقها السبعة أصبحت من عماد المسيرة الاقتصادية، وقرية فيراري لها قاصدوها من حول العالم، وياس ووتر وورلد الوجهة المفضلة للباحثين عن يوم خارج النسق، وملاعب الجولف وغيرها من الوجهات الرياضية الأخرى، تقدم خيارات أخرى لعشاق الرياضة، وبالنظر إلى الصورة كلها من بعيد، ترى نفسك أمام مدينة للأحلام التي ترجلت حقاً هنا، واختارت أن تسكن بيننا بعد أن حولتها أنامل قادتنا إلى واقع أحلى وأروع مما كانت عليه. اليوم، وحين تدق الساعة الخامسة، سيترقب العالم، ماذا سيفعل فيتل ورفاقه من أبطال العالم في الفورمولا-1، وهل سيرد ويبر الدين لزميله في الفريق، بعد أن حل الأخير أولاً في سباق التأهيل بالأمس وهو لم ينس بعد ما حدث من فيتل في ماليزيا.. اليوم، هو بطولة عالم قائمة بذاتها، فياس اختارت من البداية أن تبقى متفردة شامخة، أن تبقى البطولة حتى لو ذهب اللقب إلى صاحبه. كلمة أخيرة: أسعد الشعوب من اختارهم القدر للعيش في وطن اعتاد تحقيق الأحلام . mohamed.albade@admedia.ae