من منا لم يتملكه الحفوز، ولم يكن على قرافيصه يالين ما خلصت المباراة النهائية لكأس الخليج العربي الحادية والعشرين؟ أشك في الواثق من فوزنا (حينها) كما أشك في المتهاون بفريقنا! وبين الشك ويقين النتيجة وقف الوطن وقفة فارسٍ شهم صوَب سهماً شق شهابه السماء كما يفعل مذنب هيلي، وعندما جاءت لحظة النصر تفجرت مشاعرنا بخليط لا نعرفه إذ حل الفرح محل القلق، والضحك محل حرقة الأعصاب، ولم نفكر في أقواس لهذا النصر، بل فكرنا في فرحة شاركنا فيها القاصي والداني. وانهال وابل من الأدعية والمكالمات الطويلة والقصيرة والرسائل النصية المتقطعة والتغاريد المبحوحة والرزيف والنعيش وكل ما يعبر عن ان في دار زايد وعياله البيت والقلب والروح في توحد. وجاء اتصال من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، يهنئ شعب الإمارات فرداً فرداً ولمست من كلماته البليغة ما أستوقفني لأيام تلت، فقد هنأ سموه كافة فئات الشعب وفي مقدمتهم النساء والشيبان، وهذا يوضح أمراً جلياً ألا وهو أن القيادة في دولة الإمارات تعمل بروح الفريق، ويشغل فكرها من كانوا في ملعب الكرة ومن على أي بقعة من أرض الوطن. نحن لا نستغرب هذا السلوك ونود أن نحيط البشرية والعالم به علماً، كما نتطلع للتاريخ أن يسجله ولقادة المستقبل الطامحين لتحقيق العدالة والمحبة والانسجام أن يقتدوا ويهتدوا بنبراسه. وبعد ساعة هدأنا (نوعاً ما) حتى اتصلت بي إحدى الصديقات تود استشارة طبية وسألتني: عاشة، مبروك فوز المنتخب. فكان ردي سريعاً: الله يبارك فيك ويرفع رأس كل إماراتي دوُم، إن شاء الله. خير.. بشريني عن الوالدة. فردت: عشان جية متصلة، طلبت تطلع من المستشفى عشان تسير في المسيرة، تصوري! فقلت بكل ثقة: انزين.. رخَّصها الدختور؟ فأجابت بلوعة: لا.. عشان طول وقت المباراة كان ضغطها عالياً والسكر بعد وكنا بصراحة خايفين عليها. والحين الدكتور يقول إذ مصرة تطلع من المستشفى بيكون على مسؤوليتكم؟ فقلت لها: خليني أكلمها لو سمحتي. وقبل أن ينتقل الهاتف إليها سمعتها تطلب من ابنها الصغير أن يتصل بمحل باتشي عشان يشترى حلويات للسسترات والدكتور النحس اللي مب طايع يرخصها. فقلت لها: السلام عليكم خالوه، ومبروك فوز المنتخب؟ فقالت وكأني المنقذ: يعلّه زايد الجنة والله يطرح البركة في عياله، مبروكين يابنتي مبروكين. فتجاهلت مسألة الطلعة من السبيتان وسولفت وياها عن اسماعيل الحمادي وقالت بكل تكتيك واستراتيجية: لو المدرب ما دخـل هذا اللاعب جان لين الحين الفريخات يراكضون ويوم بينقطع نياطهم بيغلبون. لكن جيه ما سرتي في المسيرة؟ اذكر يوم غلبنا قبل كمٍ سنه اشوه الدنيا جنه حد من الشيوخ معرس. فتركت بقية الحوار جانبا إذ اكتملت الدائرة والصورة الذهنية في خاطري، فها هم شيوخنا يهنئون العيايز والشيبان وهؤلاء بين الحياة والموت يتوقون لفرحٍ يضمهم في عرس الوطن. وهذا من مخرجات مدرسة بوخالد.. اللهم احفظه ودُم علينا نعمة الكرامة فنحن في وطن كريم وأنت يا رب العالمين أكرم. bilkhair@hotmail.com