مع صدور المقالة اليوم نكون عرفنا هوية بطلي آسيا وأفريقيا، ولأنني أكتب المقالة يوم الجمعة، لهذا فإن كل ما أتمناه أن يكون الهلال السعودي بطلاً لآسيا أمام ويستيرن سيدني الأسترالي، ووفاق سطيف الجزائري بطلاً لأفريقيا من بوابة فيتا كلوب الكونغولي. ولكن وصول الفريقين للنهائي، وتمنيات البعض «الكثير» للهلال أن يخسر أمام سيدني، وظهور وسم #كلنا_سيدني على تويتر، وخروج بعض الأسماء المُهمة رياضياً وإعلامياً تتمنى علناً فوز الفريق الأجنبي على فريق الوطن، كان هو المادة الأكثر دسماً للمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، وحتى البرامج التلفزيونية والإذاعية، وانقسم الكثيرون حول موضوع «وطنية» تشجيع فريق محلي أمام فرق من خارج الحدود. حجة البعض أن الرياضة ليس لها علاقة بالوطنية، فمن يعشق ريال مدريد مثلاً يتمنى أن يخسر برشلونة أمام أي فريق في الدنيا، وهذا لا يعني أنه فاقد للوطنية، فحب الوطن شيء بالنسبة لهم، والتشجيع الرياضي شيء آخر. أما حجة الطرف الآخر، فتتمثل في أن الهلال يمثل السعودية، ولا يمثل نفسه فقط، في أي بطولة خارجية، وبالتالي فهو سفير لوطنه، ويجب على الجميع أن يشجعوه معنوياً على الأقل. وما بين الطرفين صرنا نجد من لا يتمنى هزيمة الهلال فقط، بل يقف مع سيدني ضده، وهو ما عمّق الهوة والحساسية بين الأندية ومشجعيها، لأنه سبق أيضاً وأن وقف البعض مع أولسان الكوري الجنوبي ضد الأهلي الذي كان يمثل السعودية أيضاً في تلك البطولة. الكلام نفسه ينطبق على معظم دول الدنيا، وليس السعودية وحدها، ولكن المشكلة تتمثل ليس في تمني خسارة فريق من بلدك، بل تتمثل في المجاهرة علانية، وعبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بتمني الخسارة ومؤازرة المنافس. المشكلة الأكبر ليست في «المناكفات» الجماهيرية والإعلامية، ولكن في انتقال هذه الحساسيات للاعبين، ووضع ضغوطات هائلة عليهم تجعلهم يلعبون وأقدامهم مثقلة بالخوف من الخسارة أو فقدان اللقب، وبالتالي «شماتة الآخرين» وسخريتهم، وتوقع ما الذي يكتبونه عليهم في تويتر وإنستجرام، وما هي النكت التي سيتم تداولها واتس آب، ونكون مثل من يصب الزيت على النار، ولهذا فأنا مع «قوننة» أوقات اللاعبين، قبل أسبوع من أي مواجهة حاسمة، إذا كانت الأجواء المحلية ضاغطة وغير صحية، وليست كلها مساندة، ويجب منع اللاعبين من استخدام كل وسائل التواصل الاجتماعي أياً كانت، حتى نزيح عنهم بعض الضغوطات التي تشتت تفكيرهم عن الهدف الأول والأخير لهم، ألا وهو منافسهم.