دون الحاجة لمقارنات ومقاربات ومجاملات، أنا من الناس الذين يقعون في الدهشة سريعاً خاصة حين يتعلق الأمر بالجمال والشباب، فليس من سبب آخر يدفع للدهشة في أيامنا هذه! ومن باب الجمال أن تنصت لفتيات صغيرات على مدرجات الدراسة لا زلن يتلمسن طريقهن نحو اكتشاف الذات، لا زلن في أول سطور المعرفة، ولا زلن في منتصف الطريق بين أبجدية التعلم وكتاب الحياة الحقيقية، تنصت إليهن يتحدثن بجرأة وقوة ووضوح ساطع كشمس صحراوية تعرف طريقها جيداً بين كثبان السماء، كنت أحضر جلسة نقاش حول تقنيات الكتابة الإبداعية في جامعة الشارقة مطلع هذا الأسبوع، في الوقت المخصص لأسئلة الطالبات تحدثت طالبتان حول جدلية القراءة والعزوف عنها بين شباب العرب، وحول الكتب المتاحة في واجهات العرض، حول مستوى الكتابات الجديدة في الإمارات وحول الرداءة والسطحية، حول مجموعات القراءة على مواقع التواصل والتي يفوق عدد أعضائها الـ 100 ألف شاب وشابة، وحول التقارير التي تصدر عن نوع ومستوى القراءة والكتب في عالمنا العربي، والحقيقة أنهن أعطينني جرعة فرح وأمل كبيرة جداً. وبالرغم من أن مسألة القراءة بين الشباب لا زالت محل جدل، إلا أن الملاحظ أن الشباب حين يقرأون عن وعي وحين يعطون رأياً حول أي موضوع مطروح، وحين يتبنون مشروعاً ما فإنهم يذهبون فيه حتى النهاية وبجدية يحسدون عليها وبقوة وجرأة ملحوظة، شبابنا مدهشون ولا توسط عندهم كما كل شباب العرب منذ الأزل، إما أن يقرأوا جيداً وبقوة ومسؤولية ووعي، وإما أنهم لا يقرأون ولا يعرفون من الكتب غير كتب المدرسة والمحاضرات، إما لا يجيدون الكلام ولا يبدون رأياً أو اهتماماً بقضية، وإما إن تبنوا قضية تحمسوا لها وصارت بالنسبة لهم قضية إثبات وجود، تلك هي الدهشة التي تكمن في عمق الشباب وتميزه، والتي علينا أن ننتبه لها جيداً. ما أفرحني أكثر تلك النصوص الإبداعية التي أرسلت عبر بريدي الإلكتروني، فبعد جلسة من تبادل الأحاديث مع عدد محدود فوجئت بثلاثة نصوص جيدة يمكن أن نطلق عليها «إبداعات شابة» ستنتج خطاً مغايراً في الكتابة الإبداعية، إذا ما أحسن رعايتها وتوجيهها، ما يعني أننا بصدد توقع جيل جديد من الروائيات والروائيين الشباب في الإمارات.