في 1995 لم يكن لدى معظمنا بريد إلكتروني، كنا نستخدم الفاكس في المراسلات، في بداية الألفية الثالثة، بدأ الناس حديثاً متشعباً ومتذبذباً ما بين القلق والمصالح حول العولمة، الاقتصاد الحر، التجارة الحرة، الإرهاب والسلاح الكيميائي، المتطرفين والإسلام فوبيا، لم تكن الدول تعرف توجهاتها وكيف تختار الأصلح بين كل هذا المعروض، كنا بالكاد نتهجى الإنترنت ونتعثر بين بريد وآخر.عندما كنت أفتح الصحف كانت صفحات الرأي لا تخلو من موضوع حول الأخطار التي يشكلها الإنترنت على الصحافة والشباب والأطفال، وكانت الاستنتاجات كلها تقود إلى أن الشبكة العالمية للمعلومات (الإنترنت)، هي الخطر والعدو الأول للصحافة والإذاعة والكتاب والتلفزيون، وبعد عقد من الزمان ما عاد أحد يتحدث عن هذا الموضوع! قل الاهتمام به حتى تلاشى أو تحول إلى مادة للبحوث والدراسات الأكاديمية لا أكثر، لكن الناس أشاحت ببصرها واهتمامها عن قراءة الصحف وعن متابعة مجمل وسائل الإعلام فعلاً، ليس بسبب الإنترنت فقط، لكن بسبب المحتوى والمضامين الصحفية والإعلامية التي إما أنها لم تتغير وظلت تراوح مكانها وتعيد إنتاج أفكار عفا عليها الزمن، وإما لأنها صارت أكثر اضطراباً وتشوشاً من الواقع المضطرب والمحبط جداً.لماذا علينا أن نقرأ الصحف إذن؟ لنعرف ما يحدث حولنا، لكننا نعرفه طازجاً وفي وقت حدوثه عبر تقنية البث المباشر ووسائل التواصل ونظرية الصحفي المواطن، وهنا فإن على الصحف قبل أن تغلق أبوابها أن تفكر في التغيير، في القفز إلى الأمام، في التحول إلى صحافة الرأي والتحليل الخبري، والخدمات الحكومية والمالية والسياحية والعقارية والثقافية والتقنية والاستشارات الهندسية والعلمية والتجارية والغذائية والتجميلية والطبية وغيرها، مما يحتاجه الناس في أي مكان، الجريدة لن تظل تلقى أمام الباب أو على المكتب طويلاً، سيختفي هذا المشهد بكل ملابساته، لذا وعبر صفحات يقوم عليها مختصون في كل التخصصات على الصحف أن تفكر في الخدمات والتسلية وما يهم الحياة الحقيقية، ما يعني أنه على الصحافة أن تتجه نحو الصفحات المتخصصة بحرفية ومهنية أكثر، وبالتأكيد، فإن قليلاً من الأخبار والسياسة لا يضر بطبيعة الحال?!