افتتح مركز جديد في دبي، واحتلت واجهته المطلة على الشارع العام العديد من المطاعم والمقاهي المشهورة، والجديد دائماً يوفد إليه أعداد كبيرة من الناس، خاصة الذين يعشقون المسميات والعلامات التجارية العالمية، وعلى الخصوص العنصر النسائي، وبما أن هذه المدينة الجميلة لا يكون فارق كبير فيها بين النساء والرجال، فإن رواد المطاعم والمقاهي تضم الجميع. مكان جديد وازدحام مزعج لمن يعشق الهدوء، تكاد الطاولات تلامس بعضها، عائلات كثيرة جاءت على صيت وسمعة الجديد، ترتفع الأصوات ويكثر الضجيج، الرواد كلهم شباب وشابات العصر القادم باقتحاماته، ولعلّ أصحاب هذه المقاهي والمطاعم يدركون روح التغيير في هذه المدينة بعدما جربوا ذلك في أهم المدن، مثل باريس ولندن، وغيرهما. ربما نحن الذين لا نحب مثل هذه الأجواء قد كبرنا كثيراً، ولا نستطيع أن ننفك من الهدوء الذي يبعثه البحر والصحراء فينا، لا اعتراض على عالم يتغير ويتجدد بأسلوب يناسب المدن الحديثة، ولكن جميل أن نقتطع بعضاً من عادات الجلوس على المقاهي الهادئة، ونجرب صخب الجديد، تنزع ساعة لتأخذ دفعة كبيرة في حضرة الهدوء الذي تعشقه، كنت أجرب دائماً عبور الخور من بر دبي إلى ديرة في العبرة القديمة ذات الصوت الذي ينطلق من محركات الديزل للذي لا يعرف العبرة التاريخية في خور دبي، إنه زمن قصير للضجيج، ولكنه ممتع يعيدك إلى تاريخ نهوض الإمارات... نحتاج أحياناً للضجيج، للأسواق المزدحمة، التسوق أو الجلوس في حضرة الجموع مفيد بعض الوقت لعودتك إلى الشأن العام، هذا ما شعرت به في ظل هذه التجمعات ومشاهدة وجوه كثيرة تتشارك شرب كوب من القهوة أو وجبة طعام... تذكرت حكاية الشاب الصومالي (سليماني) الذي قدم إلى دبي هارباً من مطارديه في بلده، قتله الجوع بعد سفر طويل في البحر، دخل مطعماً هندياً يضج بالناس، ولكنه خرج هارباً، بعد أن سمع النادل ينادي (واحد سليماني)، كرر دخول أكثر من مطعم، وتكرر عليه الصوت (واحد سليماني)، عاد إلى السفينة ليسأل صاحبه، كيف عرفوه، ضحك صاحبه وقال: إنهم ينادون على كوب الشاي وليس عليك، لا تخف من الجموع والناس! نعم إن خصوصياتنا لنا وحدنا، أما الفرح والسعادة مع الناس والمشاركة تعني الجميع لبناء عقد جديد مع الحياة.