كلنا يذكر مقولة د. محمد الدوري مندوب العراق في الأمم المتحدة، أيام كان العراق، دولة يهاب جانبها، ويحسب لقوتها ألف حساب، هذا إذا لم ترتعد فرائص المتربصين بها، وهو يودع مقر عمله: «انتهت اللعبة» أو كما قالها بالإنجليزية «Came is over»، ثم استقر به المقام في الإمارات، فكان ذات مرة في أحد المقاهي على كورنيش بحيرة خالد في الشارقة، وهو يمسك بمسبحة بغدادية غليظة في واحد من طقوس استراحة المحارب! متذكراً بغداده التي أصبحت عرضة لنهب، وغزو مغولي جديد، لكن عندما تحدث الدوري باسم الوفد العراقي الشعبي المشارك في المؤتمر القومي الشعبي العربي قبل سنوات، أشار إلى أن اللعبة ما زالت مستمرة! فأي لعبة هي التي توقفت؟ وأي لعبة هي المستمرة؟ ومن هم اللاعبون، والمدربون، وأين هو الملعب، وجمهور اللعبة؟ نخاف أن تكون خريطة العراق هي الملعب، وجارٍ تخطيطها.. أسئلة تفرضها وقائع ما جرى، ويجري في العراق، ومن حول العراق، وفي سبيل العراق، وجيران العراق. نتأمل لعبة «الديمقراطية» في العراق فيصدمنا الواقع بأنها ديمقراطية عرجاء «ما تساوي همها»، ولا التضحيات التي بذلت، ولا الدمار والفوضى التي ضربت أطنابها في العراق. نتأمل لعبة «الدكتاتورية» فنشم رائحة حنين قطاع يكبر أو يصغر حجمه من العراقيين إلى أيام صدام «وبسمارك»، الذي يفرض الأمن والوحدة والقوة ويكبح جماح النزعات القومية والطائفية والمذهبية بـ« القندرة والبوت» العسكري، وعسس الأمن وزوار الفجر! نتأمل لعبة المصالحة فنراها حبراً على ورق، وشعاراً بلا مضمون، بل مصالحة بين المتصالحين، لا بين المتخاصمين والمتعارضين، نتأمل لعبة الجيران فنراهم تواقين لملء الفراغ مما يعني استبدال احتلال الأبعدين، باحتلال الأقربين، واحتلال أعداء زمان بما لم ينالوه في الحرب، أخذوه في الفوضى، نتأمل لعبة المقاومة والإرهاب فنراها يلفها الضباب والغروب والتداخل، أما لعبة النزاهة والفساد فهي أشبه بلعبة القط والفار، حيث يتهم فيها رئيس لجنة النزاهة رئيس الحكومة بالفساد والإفساد، وحماية الفاسدين، ويهرب رئيس لجنة النزاهة فيتوعده رئيس الحكومة بالويل والثبور وعظائم الأمور! أما أسوأ لعبة فهي ليلى المريضة في العراق من جراء جرائم المليشيات الطائفية والإرهاب وممارسات «بلاك ووتر»، وتحول العراق إلى مرتع لمخابرات إيران وموساد إسرائيل وتهريب المهربين ومن يرغب من القبائل! والمنظمات والميليشيات والدويلات من إفرازات الفوضى، وهكذا تستمر اللعبة، ويتظاهر اللاعبون المتعبون بالقدرة على الاستمرار، وكأن حكم الساحة الذي أطلق صافرة البداية سقطت منه الصافرة في الملعب، وضاعت بين أقدام اللاعبين، فلم يعد يقوى على طرد لاعب، ولا حتى احتساب هدف! خدعوك فقالوا انتهت اللعبة! ولكنها يا عزيزي، «وداعتك»، مستمرة.. وستستمر حتى يفنى الذئب والغنم، ويتطاحن شمالها بجنوبها، وريفها بمدنها، ولتبقى العمامة!