فرانك لامبارد لاعب مانشستر سيتي ليس اسماً عادياً في ملاعب الكرة، لأنه صاحب الرقم القياسي العالمي، بوصفه الأعلى تسجيلاً للأهداف كلاعب خط وسط، بما يزيد عن 170 هدفاً، وهو صاحب الرقم القياسي في «البريميرليج» في عدد المباريات المتتالية التي شارك فيها «164 مباراة»، وثاني أفضل لاعب في العالم 2005، وأفضل لاعب وسط في أوروبا 2005، وهو الهداف التاريخي لنادي تشيلسي بـ211 هدفاً في مسيرته الطويلة التي استمرت من 2001 وحتى 2013، وهو اللاعب الوحيد مع واين روني الذي سجل 10 أهداف فأكثر في الدوري الإنجليزي لمدة 10سنوات متتالية. كل هذه الأرقام كانت حبيسة الأدراج حتى مساء أمس الأول، عندما شارك الأسطورة لامبارد في الدقيقة 78 من اللقاء مع «مان سيتي» بديلاً لكولاروف للمرة الأولى وجهاً لوجه مع فريقه السابق تشيلسي. كانت الظروف قاسية، لأن «السيتي» فقد جهود زاباليتا بعد حصوله على البطاقة الحمراء في الدقيقة 66، ثم تلقى هدفاً في مرماه في الدقيقة 71، وحينما نزل لامبارد إلى الملعب كانت كل الطرق تؤدي إلى «البلوز»، وكان المسرح يبحث عن بطل من طراز رفيع، أو ساحر يهزم المنطق، ويتحدى مذاهب الفلسفة. نعم إنه لامبارد الذي لم ينظر إلى كلمات «مورينهو» قبل اللقاء، حينما قال عنه إنه يصلح أن يكون مدرباً لتشيلسي، «في إشارة منه إلى كبر سن لامبارد ابن الـ 36 عاماً»، ولم يتوقف طويلاً أمام قرار مدربه بيلجريني الذي احتفظ به خارج الملعب، حتى تقطعت به السبل، وحجبت السحب السوداء كل أضواء «القمر السماوي»، كما أنه لم يرتعد أو يفقد التركيز في أول مواجهة له مع فريقه السابق وجمهوره الذي طالما هتف باسمه ورفع صورته. في الدقيقة 78 كانت كل هذه الظروف أحمالاً ثقيلة على ظهر لامبارد، وهو يضع قدمه في الملعب الملتهب، لكنه قدم لكل لاعبي العالم دروساً في الثقة بالنفس، والتمسك بالأمل، والإصرار على قهر المستحيل، وقاد فريقه لانتزاع التعادل في الوقت القاتل، وبعد تسجيله الهدف لم ينتهز الفرصة للانتقام من مورينهو الذي فرط فيه بسهولة، ثم استفزه بالتصريحات، فلم يحتفل بالهدف، احتراماً لمشاعر جماهير تشيلسي، وأثبت أنه رمز من رموز الكبرياء، فاستحق بمثل هذه الأفعال أن يحظى بتحية جماهير «السيتي»، و«البلوز» معاً بعد المباراة. أما عن لقطة المباراة من وجهة نظري، فهي التي جسدها أحد جماهير تشيلسي عندما سجل لامبارد، فبعد أن رفع يده ليحتفل بهدف لاعبه الذي اعتاد على إسعاده بالأهداف، تذكر أن الهدف هذه المرة في شباك فريقه «تشيلسي»، فأنزل يده ووضعها على رأسه. ومشهد آخر، يرتبط بمشجع أوغندي عاشق لـ «البلوز» ولامبارد، حيث أصيب فهد موسانان بأزمة قلبية، فارق على أثرها الحياة، لأنه لم يتحمل الصدمة، بعد أن هز لامبارد شباك ناديه السابق. وفي الختام أقول إن الكرة تقدم لنا أحياناً من الدراما ما يعجز عن تأليفه أبرع الكتاب والروائيين، فلم يكن أحد قبل عام في إنجلترا بأسرها يتوقع أن ينتقل لامبارد من تشيلسي، ثم يرتدي قميص أقوى المنافسين، ويهز شباك فريقه السابق مع أول مواجهة بعد 7 دقائق. آخر الكلام سأل الممكن المستحيل: أين تقيم؟ فأجابه في أحلام العاجز.