فجأة ومن دون مقدمات وفي عرض حديث آخر تماما، سألني: هل قرأت رواية «لائحة رغباتي»؟ شعرت بأن هذا العنوان، ليس بغريب علي. ولكني لم أحدد إن كنت قد قرأت رواية بهذا الاسم أو لعلي رأيت فيلما يحمل نفس العنوان؛ لم أعد أدري، وعندما أوضحت ذلك أخبرني بحماس: ستعجبك جدا، اقرئيها. كيف توقع أن العمل سيروقني، لماذا بالذات هذه الرواية وأنا أعرف أن محدثي قارئ نهم وكاتب وبالتأكيد يمتلئ رأسه بعشرات العناوين المميزة! صحيح أن عنوان العمل مغرٍ ليكون كتابي التالي، ولكن الأكثر إغراء تلك الدعوة وهذه الثقة الذي امتلأ به محدثي بأن العمل سيعجبني. بعد أسبوع من الاقتراح وقفت كل رغباتي فقط في الحصول على راوية «لائحة رغباتي» وقراءتها. وقد تحققت. كأن تهبط على أرض من غيوم وتضغط بقدميك على قطن ناعم يحملك ولا تشعر به. كأن تحملق في فراغ ‏بمتعة، وأن تشعر أنك وجدت شيئا ثمينا كانت هذه الرواية. «لائحة رغباتي» للكاتب الفرنسي غريغوار دولاركو. عمل صغير ـ 170 صفحة ـ تتحرك أحداثه بهدوء شديد. أما شخوصه فهم عاديون جدا يعيشون حياة لا حكايات فيها، في مدينة لا يستطيع أحد أن يفر منها ولا يصل إليها أحد ـ كما تصف بطلة الرواية جوسلين ـ التي تعبر على الجميع ببساطة مفرطة وسحر متناهٍ، وبهاء يشبه قماش الساتان وأشرطة الدانتيل وخطوط الحرير التي تبيعها في محل الحياكة الصغير الذي تمتلكه. في لحظة، يتغير كل شيء أو يكاد. على حافة حلم ولائحة رغبات لم تكن موجودة أصلا، وبطاقة لها نفس رقم الحظ تجلب شيكا فيه أكثر من 18 مليون يورو. في لحظة يتفجر الخوف من الأطماع وتغير النفوس، وفي لحظة تتأكد أنك تملك أشياء ذات قيمة كبيرة يتمناها الآخرون، وترغب بشدة بأشياء لا يمكن أن يجلبها المال. في رواية «لائحة رغباتي» تتوقف رغبتك تماما في أن تفعل أي شيء غير أن تكمل هذا المشوار مع «جوسلين»، تتوقف كثيرا وتسأل نفسك: كيف ستتصرف لو كنت مكانها، تلومها وتعود لتلوم نفسك؛ ثم تسأل أصدقاءك عن لائحة رغباتهم ثم تعود لتسأل نفسك عن رغباتها. لتكتشف أشياء لم تكن لتعرفها عن نفسك. في «لائحة رغباتي» تجرحك البساطة ويفاجئك الوضوح ويصدمك الهدوء ويهزك الثبات. تناقضات ستنساب أمامك وأنت تقرأ حياة امرأة لم تغيرها ثروة وإنما هي من غيّر معنى هذه الثروة. هل تقصد ـ صاحب النصيحة ـ أن يمنحني كل هذا الصخب الرقيق من رواية أنثوية بامتياز، كتبها رجل. ?