إن التفت يمنة أو يسرة، ستجد أمامك رجلاً، ومن خلفك امرأة، ومن دونك زوجاً، والوشم مدقوق على الذراع، والظهر، والعنق، واليد، وبعض المراهقين والمثليين على وجوههم، والكثير منه مخفي تحت الملابس، وفي أماكن العورة، حتى أصبحت موضة الوشم في الأعوام الأخيرة أكثر ظهوراً، وتقليداً، عند الفنانين، ومشاهير الكرة وعشاق التقليد، بعدما كان محصوراً على خريجي السجون، ورجال العصابات، وقد بدأ الوشم صغيراً، كشيء تجميلي، ثم تحول لعبث «غرافتي» أو الكتابة على الجدران، ترى أجساد ووجوه بعضهم، وكأنها حائط محطة قطار في قرية نائية. وقد افتتح معرضاً في باريس عن تاريخ الوشم أو «Tattoo» الذي ظهر قديماً مع الإنسان، وأستخدمه بداية في وسم أملاكه من الدواب، وعزلها عن أملاك الغير، ووسمت أو دقّت بعض القبائل أفرادها كعلامة مميزة للبطولة والرجولة والتضحية، واتخذت النساء فيها بعض الدق الخفيف على الذقن أو على ظاهر الكف، كعلامات إجتماعية، وتمييز عن الغير طبقياً، وجمالياً، وكان سكان اليابان الأصليون الـ«آينو» يوشمون وجوههم كتقليد اجتماعي، وعرف الفراعنة، والبدو، والغجر، والأمازيغ، البربر، والماوري في نيوزيلاندا، والهاوسا في أفريقيا والكثير من الشعوب القديمة أنواعاً مختلفة من الوشم، والذي كان حينها نوعاً من المعالجة لبعض الأمراض، ودفعاً للشيطان، والتعويذات السحرية، والحماية من العين والشر، وغيرها من المعتقدات، حتى الجنسية، والتعبير عن الحب والوفاء، لكن اليوم وما يظهر على جلود ووجوه الناس المتحضرين يفوق ما كان يفعله أولئك البشر البدائيون، لقد تعقدت أمور حياة البشر في الوقت الراهن والمعاش والمادي، ورجع يبحث عن روحانيات مختلفة، واختار الوشم كطريقة قديمة معبرة عن ذلك، وعبّاد الشيطان دليل واضح لرمزية تلك الوشوم، وقد نقل البحاّرة والمستكشفون الكثير من تلك الوشوم التي شاهدوها، ووثقوها، ووصلت إلى شعوب أخرى، كما وجدت موميات وآثار ومخلفات لشعوب مختلفة، حفظت وشومها، ودلالاتها. تعد نبتة الوسمة، وكذلك النحاس هو مصدر اللون الأزرق المخضر للوشم بعد ما يتغلغل تحت جرح الجلد، ومنها جاءت الكلمة المحلية للشيله أو الوقايه صفة «الوسمة» للسواد الذي تصبغ به، واليوم تستخدم الأحبار المختلفة عن طريق «Tattoo Gun»، ونقول في العربية: «وصمة عار على جبينه» دلالة على سوء فعلته، وهي قديمة ترجع للرومان حين كان يوشم العبد على وجهه بوشم: «أوقفني، هارب»، وقد حظر الامبراطور «قسطنطين الأول» الوشم على الوجه عام 330 ميلادي، والكلمة اللاتينية للوشم، هي «Stigma»، وتعني «وصمة العار»، ووشم الرومان جنودهم منعاً للهرب، وكذلك الإنجليز كانوا يطبعون حرف «دي» وهي علامة هارب «Deserter» من الجيش البريطاني، وكان البحارة يوشمون للاستدلال على جثثهم بعد الغرق، والوشم محرم في اليهودية والإسلام، ومباح في المسيحية، فقد كان المسيحيون حينما يحجون لبيت المقدس، ينقشون على سواعدهم صليباً وعام الحج.