كبساط الريح.. كطير المعرفة.. كأي شيء يرغب بالتحليق بحثا عن كنوز ودُرر العلوم وجواهر المتعة، عبرت ورقتان من فئة العشرة دراهم وورقة أخرى من فئة العشرين درهما من شركة أبوظبي للإعلام الى محافظة تعز اليمنية لتصل إلى أحد قراء مجلة ماجد، مستحقا لها عن فوزه في مسابقاتها، وعلى ما يبدو انها لم تكن مسابقة واحدة وانما في اكثر من واحدة. لم تستقر الأربعون درهما طويلا في يد صلاح ذي الثمانية عشر عاما، فها هي تعود من دولة اليمن إلى ذات المبنى بدولة الامارات، ولكن في طابق مختلف حيث مكاتب مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية. من ماجد وناشيونال جيوغرافيك.. تذهب المعرفة والعلوم والتأثير في الآخرين ولا نخسر ما يقال عنه مالا أو مادة، بل تعود لنا في استثمار انساني كبير محمل بالكثير من التقدير والولاء لمنتج معرفي قادر على التأثير في الآخر البعيد، حاملا رائحة الامارات، هذا البلد الطيب لكل الدول العربية. هذا ما ورد إلى ذهني فور قراءتي لرسالة قدمت من اليمن وكُتبت بخط جميل وحماس منقطع - وغضب محبب - من قارئ يمني يطالبني فيه بإرسال أربعة اعداد من المجلة لأنها لم تصل في توزيعها لمحافظته. يقول صلاح في رسالته: «أعلم أن مبلغ الـ 40 درهما التي أرسلتها لكم مرفقة برسالتي هذه لا تكفي سعر الأعداد الأربعة التي تنقصني من مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية.. ولكني مصر على الحصول على كل الاعداد التي تنقصني، ولولا ضيق الحال لما طلبت ذلك.. لا أملك غيرها فقد حصلت على الأربعين درهما من ربحي لمسابقات في مجلة ماجد». هكذا ختم القارئ صلاح رسالته ومذيلا إياها بجملة (إنني لا أقبل أبدا بأية حال من الأحوال أن ينقصني عدد من مجلة ناشيونال جيوجرافيك العربية.. فما بالك بأربعة أعداد!). من ماجد إلى ناشيونال جيوغرافيك رحلة عمرها عقود، بين طفل يقتفي مجلة ماجد ويقرأ قصصها ويعيش مع شخصياتها ويسعد بما فيها من معرفة وعلوم وثقافة ليصبح قارئا نهما يأتي على اعداد المجلة بشغف غير عادي، إلى فرد ناضج مهتم بمعرفة أكثر عمقا وثراء. بين مجلتين تقدمهما الإمارات للوطن الكبير، لأقصى بلاد العرب كهدية حقيقية تحمل العلم والمعرفة. بعيدا عن شغل عقول الشباب في الفارغ والضار، هناك عند صلاح الذي لن يقبل أن يفوت أربعة أعداد من مجلة تأتيه من أبوظبي، وها هو يشتريها بكل ما يملكه من مال جاءه.. من أبوظبي. ‏Als.almenhaly@admedia.ae