هناك سعار جنسي ودموي، يعد من مقدسات الجماعات الدينية التي تخرج في غفلة من التاريخ، لتسطر بالدم بدء نشوئها، ونهاية أفولها المبكر، بدءاً من دم العذرية للصغيرات الأبكار، وانتهاء بانبثاق الدم من عروق المحزوزة رقابهم، سيرة الدم المشتهاة تلك، هي الباعث لـ «داعش» وغيرها لكي تبقى، ما دامت تروى كل يوم بلزوجة وسخونة الدم الإنساني، وإنْ كان الجنس والدم محركين لذلك السعار، فإن هناك سعاراً آخر هو العطش المالي النابع من فقرهم وعوزهم المزمن، ويمكنهم أن يسخروا النصوص ورضاء الرب من أجل كسبه، وإنْ كان زقوماً يحرق البطون، فإفرازات المجتمعات المكبوتة، والمحرومة من حرية التعبير، ومعرفة طعم الرفاه، والمخنوقة برغيف الخبز في ظلم اجتماعي ظاهر، خارج منظومة للتعليم والطبابة وانعدام الأمن والاستقرار النفسي والحياتي للمواطن الصالح والمبدع، ضمن التعسف السياسي الذي كان يدير الفساد في البلاد لعقود، هي التي أظهرت الرتل المنتقم من كل شيء، والمسير بأي شيء، هذا الرتل المتلون والمتعصب بلا هدف هو أيضاً نتاج حكم وسياسة بعض الزعامات العربية لعقود طويلة بعيداً عن العمل الوطني، وإخلاصاً للعمل الشخصي والعبثي، تماماً كما هو نتاج الزعيق الثورجي من دون غاية غير دحر الاستعمار، والتضحية بالغالي والنفيس، ومنها مقدرات الشعوب واستنزافها من أجل تحرير الأوطان من العدو الغاشم، ذلك العبث السياسي خلق في المجتمعات العربية أفراداً وتكتلات يمكن أن تطيع الشيطان، فكيف إنْ كان ملتحياً، ويدفع وزن المجاهد ذهباً، كعادة الحكايات العربية، والبشرى بالحسنيين في الدنيا والآخرة، هؤلاء الغلاة من دون فكر وجدوا ليكونوا وراء أي نفير في أي بؤرة متوترة، خاصة الساحات الإسلامية حيث القدسية والقداسة لعمل الواجب، وأجر يصل لسبعين ألفاً، ووعود لما ورائيات تسلب العقل، وتجعل «المجاهد» يعيش أحلامه السرمدية، بدلاً من واقع حياة عصيبة ليوميات لا تنتهي: أم مريضة، وتستهلك أدوية يمكنها أن تشبع عيالها الثمانية، أب يعيش بين منزلين، وكل عام يتعس بأنثى، فيظل وجهه مسوداً وهو كظيم أو يبشر بذكر فيفرح لأنه سيعفيه من تلك المسؤولية الاجتماعية المرتبطة بالشرف الجنسي، مواطنون بلا وطن، بطالة، ولا خطط للمستقبل. إن الثالوث المستعر لدى هؤلاء الجماعات هو الذي يسيرهم الآن، هم مرتزقة الوقت العربي المرتهن، والوضع الإسلامي المتردي، وما أسهل أن تحركهم الحقائب المرسلة دبلوماسياً أو بأيدي مهربي المخدرات أو بأيدي مهن التجسس، ولا يحتاجون أن يتعاملوا مع دول أو ينفذوا أجندات دول، فهم المستعرون والمستئذبون، يكفي أن يلمحوا إشارة بنوط نقدي ليهجموا على القطيع، ويفنوا الراعي معه، ويجعلوا من الأرض يباباً، ربما الآن استفقنا على فهم وجود كثرة الحركات والفرق والملل والنحل في تاريخنا العربي والإسلامي، وليس فيهم ومن بينهم الفرقة الناجية!