في واحدة من تغريدات الإخوة السوريين على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ورداً على بعضهم البعض، كتب أحد مؤيدي جماعة المعارضة ردا على آخر «تقول أمي إن جماعة المعارضة مش نافعين وما منهم فايدة، هؤلاء جماعة عم يدوروا على الكرسي، متلهم متل بشار» فرد عليه الآخر «نار المعارضة ولا جنة بشار» !! هذا على اعتبار أن لبشار جنة أصلا ! الخلاصة أن الجماهير ليست غبية، وأن المرأة السورية «الختيارة» والرجل العجوز، الذي عبثت بحياته هذه الحرب الطاحنة، وأولئك المشردين في خيام الشتات والمنافي في الزعتري وغير الزعتري، يعرفون الحقيقة بوضوح شديد، وإن كان ليس بإمكانهم أن يفعلوا شيئا أو أن يدفعوا أكثر مما دفعوا، فقد فقدوا كل شيئ بدءا بالوطن وانتهاء بالأمل، مع أنه من البساطة ترديد القول «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» الشبيه بالفانتازيا العبثية في مثل ظروف السوريين هذه الأيام ! ما الذي يفعله السوريون المجتمعون في مونترو؟ ما الذي تفعله المعارضة في مواجهة المعلم وبثينة شعبان؟ مالذي يفعله الأضداد في مواجهة بعضهم بعضا بشكل يثير السخرية أكثر من أي شيئ آخر؟ يقول أحد الأصدقاء «يضيعون أوقاتهم في أماكن أكثر أمنا وأقل ضجيجا» ويقول آخر «يختبرون مدى قدرتهم على إغلاق الأبواب واحتجاز أنهار الدم خلفها ومن ثم ترتيب المكان ووضع الطاولات والكراسي وبعض علب المناديل الورقية وعلب الشيكولا السويسرية وفناجين القهوة، وتجربة إمكانية التحدث بعيدا عن هدير الدم وصراخ الجرحى وعيون الموتى المصوبة باتجاههم» أنا أقول إنهم يقتسمون غنائم ما بعد المذبحة ! الأم السورية قالت «هذه المعارضة مش نافعة»، وهي لم تتطرق إلى السلطة؛ لأنه من تحصيل الحاصل أن السلطة «مش نافعة»، ابتداء ودون نقاش، استنتاج هذه الأم ليس مفاجئا، الأمر المفاجئ هو قبول المعارضة الذهاب إلى جنيف، والمفاجئ أكثر هو قبول السلطة السورية الجلوس مع المعارضة وبين الوفدين خلاف يمتد إلى ما بين السماء والأرض، فالمعارضة إرهاب لا أكثر، وهي السبب في هذا الهولوكست السوري، هكذا ترى السلطة، بينما المعارضة ترى فيهم ثلة من المجرمين والرجال الأشرار والقتلة، لا شيئ يجمع ليفرز نتيجة إيجابية، فلماذا هذا الدفع بهم نحو المواجهة في جنيف؟ الولايات المتحدة حققت ما أرادت واستبعدت الإيرانيين المحركين الرئيسيين للملف، ودفعت بالمعارضة لقبول الجلوس مع غريمهم بشار أو من يمثله، وطالبوا بما أرادوا: حكومة انتقالية، ما إن سمع بها المعلم حتى طار عقله وهدد بالانسحاب، لقد كان يتوقع أن يقف الجربا ليعترف ويعتذر نيابة عن المعارضة، يعتذر عن ثلاث سنوات من المحارق والمجازر والقتل وعشرات الآلاف من القتلى والمشردين والضائعين والمفقودين والمحروقين بالغاز والكيماوي والبراميل الحارقة والقنابل المحرمة و... لكن الجربا ذهب يبحث عن حكومة، وعن سلطة، وعن أمور تقنية عملانية تعجل في انسحاب الأسد من عرين السلطة والقبض على رموز السلطة وتقديمهم لمحاكمة دولية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فلا الجربا سيحصل على الحكومة الانتقالية، لا ضمانة في ذلك، لا الإبراهيمي يضمن ولا بان كي مون يضمن له ذلك، ولا المعلم ووفده سيعطون الجربا ما يريد، إن جنيف ليس سوى محاولة فاشلة لمنح الشرعية للمزيد من القتل، وتطويل أمد الأزمة، وما على السوريين سوى أن يبحثوا عن طرف نافع !! ayya-222@hotmail.com