اللهم لا شماته .. وهكذا تسرد الأحداث حكايتها المريرة، لقد وصف رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية، ما حصل في مصر على أنه انقلاب على الشرعية، وصفق كثيراً للذين يفجرون الذات بشعارات غوغائية، واليوم يقف أردوغان على أعتاب مرحلة مفصلية من حياته وهو في سدة الحكم .. ثلاثة وزراء يستقيلون، لاستشراء الفساد في الحكومة، التي وصفت الآخرين بالإفساد، وآخر يطالبه قائلاً ارحل .. ولكن أردوغان لم يلتفت للداخل كثيراً، ولم يشعر باشتعال الجمر تحت قدميه. بل أشاح بوجوم ملتفتاً إلى الآخر متهماً إياه بالتآمر، والسعي لإجهاض التنمية في تركيا، ولا جديد في هذا المصطلح الشرقي، فكلما اشتدت أزمة داخلية أحيل الأمر إلى مخالب الآخر متهماً إياها بالخربشة في جسد الداخل. وماذا بعد .. أردوغان أقام الدنيا ولم يقعدها من أجل الديمقراطية في الوطن العربي، ولولا عيون الغرب الحمراء، لتدخل شخصياً، وطبق ما يريد تطبيقه وحتى وإن كان على حساب جماجم الأبرياء، لأنه، أي أردوغان له أجندته الخاصة، وطالما شعار الديمقراطية ملتهباً في وطننا العربي فلماذا لا يتدخل شخصياً، ويشب النار ويرفع من حدة السعار حتى تتحقق أمنية حزب العدالة والتنمية، وليذهب من يذهب، وليحترق الوطن العربي بأكمله المهم أن تنتعش النوايا المبيتة، وترتفع أشعة الشمس التي أفلت من قديم .. واليوم، مع أن الطموحات التي بلغت مبلغ النجوم والطوفان، لم يتحقق منها شيئاً، يقف أردوغان الطيب عند حافة النهر، يفكر كيف ينقذ غرقاه الذين اتهموا بالعشاء وكيف تنجو سفينة حكومته من السهام الموجهة إليها من قبل أهم المعارضين فتح الله كولن والذي كان عضيداً وأصبح خصماً عنيداً، إضافة إلى الانتقادات المبطنة من قبل الغرب بفعل اتساع رقعة الطموحات لدى أردوغان، إذ بلغت حد مساندة الجماعات المتطرفة، وهذا ما يشكل خطاً أحمر بالنسبة للدول التي ترى في التطرف، ناراً لن تدع قريباً ولا بعيداً كون التطرف كائناً أعمى، لا يفهم غير الموت.. وكره الحياة. أردوغان الديمقراطي لم يفعل كما فعلت رئيسة وزراء تايلاند عندما استعرت الاحتجاجات في الشارع، وطالبت بتشكيل مجلس إصلاحي يضم جميع أطراف المعارضة لتجاوز المحنة التي تمر بها البلاد .. أردوغان لم يفعل ذلك، لأنه لا يستطيع كونه اعتبر حكومته هي الأنقى والأصفى، وهي التي جلبت الرخاء الاقتصادي لتركيا، وجعلت بلاده في مقدمة الصفوف في ساحة الاقتصاد العالمي .. بينما المعارضون يدحضون ذلك، ويقولون إن بحبوحة تركيا ما هي إلا فقاعة أحدثها الفساد الإداري. Uae88999@gmail.com