أكثر من سبع مساوئ لوسائل الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي يمكن الحديث عنها، وتثبيتها، في ضوء الأحداث الأخيرة في المنطقة، من الموصل العراقية إلى غزة الفلسطينية إلى عرسال اللبنانية، من دون أن يعني ذلك إطلاقا التقليل من شأن الدور الإيجابي، الذي لعبته خلال الأحداث. أما المساوئ فهي: 1- خطر الإشاعات ونقل الأنباء مضخمة أو غير مدققة، بحيث أشاعت الإحباط تارة والرعب تارة أخرى. 2- تسطيح الحقيقة والوقائع بحيث كان متعذرا على عموم المستخدمين المعرفة الوافية بحقيقة وعمق ما يجري وخلفياته، لصالح الانبهار بالصور والحدث الآني المجتزئ بكثرة، أو بما يروج للسبب الذي كان مصدر الداء. 3- ارتفاع منسوب الغوغاء المتمثل بعدة أشكال منها ازدهار حمى وسعي الناشطين وراء أكبر عدد من المعجبين والمتابعين. 4- ضياع كثير من حقوق الملكية الفكرية للمحتويات المتداولة على وسائل التواصل والمواقع الإخبارية، لدرجة أنه كان متعذرا معرفة المُنتج الحقيقي أو الناشر الأصلي لمعظم الصور ومقاطع الفيديو. وبيّنت الأيام الأخيرة كذلك أن هذه المساوئ يمكن أن تستفحل مستقبلا أثناء أي أزمات قادمة، نتيجة لغياب «المرجعيات» المسؤولة القادرة على التدقيق في صحة المعلومات، ونوعية وجودة المحتويات، والحقوق الفكرية. واللافت أنه رغم كل هذه المساوئ، ورغم أنها الأكثر مسؤولية عن مثل هذه العيوب، إلا أن شبكات التواصل الاجتماعي بقيت تلقى المزيد من الرواج. وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على حجم المنفعة الكبير الذي يشعر به مستخدمو هذه الشبكات، لدرجة تجعلهم يفضلونها على وسائل الإعلام التقليدية التي تتميز بدقة مهنية أكثر. واللافت كذلك ما أقدمت عليه وسائل الإعلام اللبنانية- التقليدية- بتوحيد النشرة الإخبارية للمحطات التلفزيونية تضامنا مع غزة، وهي خطوة من المتوقع أن تتكرر- مساء اليوم الاثنين في 11 أغسطس- إنما تضامنا هذه المرة مع الجيش اللبناني وتضحياته في المواجهة مع المسلحين والإرهابيين في عرسال. وفي طيات هذه الوقفات المشتركة والنادرة بين محطات تتنافس بشراسة سياسية، لا عيب في الحديث عن أن المؤسسات الإعلامية التقليدية رغبت بجذب ما أمكن من أضواء خطفتها منها وسائل التواصل الاجتماعي. كذلك لا عيب في الاعتراف بالمزايا الحقيقية التي دفعت قسما كبيرا من الناس إلى هجر التلفزيون وقراءة الصحف وإدمان الإعلام الجديد رغم كثرة عيوبه وعيوب وسائل التواصل الاجتماعي خاصة. ولعل أهم هذه الأسباب: الشعور بالحرية، والرغبة باستهلاك محتويات إعلامية غير مُفبركة، والرغبة المتكافئة بالتشارك، وما يدل عليه ذلك من رفض لهيمنة النخب وفوقيتها، بل أصبحت أخطر من عيوب السطحية والإشاعات والغوغاء والمصداقية. فهل يمكن أن يستوعب القائمون على التلفزيون والصحف التقليدية ذلك؟ ومتى؟ وكيف؟ barragdr@hotmail.com