رأس الخيمة، كحسناء استيقظت صباحاً على كحل المرايا الصافية، فكشفت عن مخمل الحياة، بعيون حدقت في الأفق، فرأت ما يراه القديس ساعة تأمل وصفاء ذهني وخيال خصب يخلب الألباب، ويعطي بأسباب التحليق في فضاءات بلد، غرف من أتون ومتون، وفنون، وغصون، وشجون وشؤون، فتسامق، وتباسق، وتعملق وسابق الزمن، بكل بسالة، وهالة، مستدعياً قدرات ماض، مستعيناً بملكات حاضر، فشد إليه نواظر وخواطر العاشقين والمتشوقين للمس خصلات الحياة بأنامل الشفافية وعافية الوعي. رأس الخيمة التي كانت طريقاً للحرير الكوني، تكون اليوم وبفضل قيادة رشيدة، نفحت من مآثر القائد والمؤسس زايد الخير، طيب الله ثراه، وسارت متتبعة خطوات العاصمة المشرقة بخطى واثقة ثابتة متأنية رزينة رصينة أمينة، ولا حياد عن الحقيقة إلا بانحياز جاز نحو الحق، تحقيقاً لرؤى الذين أسسوا وبنوا وشيدوا وكرسوا ورسخوا وشمخوا بالوطن نحو القمم الشم، نحو الأعم والأهم، نحو الامتياز والتفوق، والتألق، والتأنق والتدفق حباً ووجداً بالمجد الذي لا علا بعد ولا قبلة. رأس الخيمة، بالصياغة الجديدة، بالسرد الحديث، بالبوح الواضح والصريح، تمضي سوياً مع إمارات الدولة الحبيبة مستجيبة لنداء التطور بأريحية وشفافية وصفاء قريحة ونقاء ذهنية، فعندما ننظر إلى البحر، نراه يخلع ملابسه، بشوق وشغف فيمد نخوة الموجات الناصعة باتجاه شطآن وآلهة لسماع وشوشة تدير حركة الكون نحو بداية الخلق وبدء التكوين. عندما ننظر إلى الصحراء، نراها تزينت بحلي الرمل الأصفر واسترخت تعانق دفء الشجر، والغافات النبيلة ترخي عباءاتها الخضراء على كتف الكثبان، وتبتهل شكراً وحمداً بأن الله من عليها بقيادة دولة، أعطت فأسخت فآثرت وأغنت ونسجت خيط الحرير في المكان والزمان والوجدان والأشجان، فتسامى الإنسان واكتسى ثوباً يلامس القلب، فأعواد لينة لدنة. رأس الخيمة، تبدو اليوم في المكان الإمارات، زهرة طالعة يانعة يافعة، تنهل من عطاء دولة، فتسقي جذور الشجر من رحيق أشهى من الشهد، وأبهى من الورد، وأحلى من حليب المهد . . رأس الخيمة الموعودة بمستقبل مبهر تضع على المعصم سوار البهجة، وتطوق العنق بقلادة الأمل، فرحة حبورة مسرورة، مغمورة بسجايا التاريخ، مأخوذة بسحر الحاضر، المتناظر مع أخريات سرن على درب الرقي بقدرة الذين شمروا عن سواعد وكشفوا عن ملكات أذهلت الناظر والمسافر والمغامر، وأدهشت كل من لديه بصر وبصيرة . . رأس الخيمة من رائحة النخل تعبق هوى العاشقين من لون الزهرة الطالعة على رأس غصن ندي، تلون عيون الساهرين على كتابة نص الأمل، رأس الخيمة من قمة جبل «جيس» تحدق في الأفق، وتسترق السمع لصوت البلبل المغرد عند آفاق الدولة الحبيبة، فتلاحق الأمل، بخطوات أسرع من الريح، تلاحق الأمنيات بنبضات قلب لا يكف عن بث وميضه الأزلي، نحو سهوب وسهول وهطول وحقول . . رأس الخيمة اليوم تطلق أجنحة الأمل، باتجاه أشجار عالية ونحو غايات تلوَّنت بلون القمر الفضي وازدهرت بمشاعر الانتماء إلى واقع لا يمكن أن تكون إلا به، ولا يمكن أن تزهو إلا من خلاله.