ستظل إسرائيل تعتدي على الفلسطينيين كلما بدا لها ذلك لازماً وضرورياً، من دون خوف أو رادع أو إحساس بأي نوع من الحرج تجاه كائناً من كان، فليس هناك من يستطيع إحراج إسرائيل أو تتحرج إسرائيل تجاهه، طالما هي محمية بالفيتو الأميركي وبالحماية الدولية، وطالما يستطيع قادتها بكل وقاحة أن يضعوا رجلاً على رجل ويقولون أمام العالم «إن مصالح إسرائيل ومصالح العرب أصبحت واحدة فيما يتعلق بضرب الإرهاب، وكأن إسرائيل ليست أيقونة الحرب ورمزه الأساسي في المنطقة!» إن السبب أو المبرر الضروري واللازم لضرب الفلسطينيين من وجهة نظر قادة إسرائيل ليس شرطاً أن يكون مقنعاً لأحد خارج إسرائيل ومنظومتها السياسية والمجتمعية، فحتى أميركا الراعي والحامي والأب الروحي لإسرائيل لا يتوجب أن تعرف أو تقتنع بالمبرر، وليس على الإسرائيليين أن يهتموا فيما إذا اقتنعت أميركا أم لا، فكما قال نتنياهو «ليس علينا تقديم مبررات لأميركا، إننا سنضرب أكبر عدد من بيوتهم ومدارسهم، وسنقتل أكبر عدد من أطفالهم، ولسنا معنيين بموافقة أميركا أم لا»، ذلك أن أمن إسرائيل مقدس، وحياة جندي فيها تساوي حياة ألف فلسطيني عربي، إضافة إلى مبررات الانتخابات، وكسب أصوات الناخبين في الكنيست والشارع الإسرائيلي. اليوم وبعد شهر من العدوان الاجتثاثي المتواصل لفلسطينيي قطاع غزة، وبعد أكثر من 7200 غارة جوية، أسفرت عن تدمير ما يزيد على 10000 منزل، و1884 شهيداً، ومآس وكوارث لا تعد ولا توصف، اليوم تنسحب إسرائيل ليس في ركابها سوى الدمار والقتل، وأول ما ستضيفه إلى سجلها وستقدمه مفخرة لشعبها وأطفالها هو قتل أكبر عدد من الأطفال، وبطريقة بشعة جداً وغير مسبوقة، إنها لعنة الثأر الذي يسكنهم، العقدة الأبدية التي يتاجرون بها، والتي لن يتخلصوا منها إلا بمزيد من الدماء، بعيداً عن القضية الإنسانية، فالإسرائيليون يمسحون جرائم هتلر في حقهم – كما يدعون – بدماء أطفال العرب الفلسطينيين واللبنانيين وأي عربي، يعتقدون أن عليه أن يكون قرباناً لثأرهم! لا يزال هناك قدرة على البناء والتعمير، ولا يزال هناك متسع من الرحمة وآفاق التعاون، ما زالت الإمارات تشكل الأمل الكبير الذي لن يغرب في سماء العمل الإنساني، أياً كانت السهام التي ترمى باتجاه قلبها الكبير، فالإمارات شجرة كبيرة كلما رميت بأحجار الحقد والسفه، مدت أياديها بالثمر الزهر الندي، ومع كل ما قيل فإن الإمارات لا تعتب ولا تغضب ولا تقاطع، بل تعمل بصمت، وتعمل في وضح النهار، وتعمل في كل المواقع، وعلى جميع الصعد، الوقت اليوم وقت عمل، فغزة قد أفاقت على حجم دمار مرعب، لم يكن أهلها يتصورونه، كانوا يتقون الموت، ويرفعون القتلى، ويركضون، ويعانون الفزع والرعب ورائحة الدم والموت، وعندما سحبت آلة الدمار ظهر الدمار خلف جنازير الدبابات مهولاً كزلزال أو كانفجار قنبلة نووية. السؤال المحير: أين كان العالم الحر والمتحضر والمتطور والحساس جداً حيال حقوق الإنسان وحقوق الحيوان، أين كانوا من حرثوا الأراضي والسماوات والفضاءات، بالضجيج حديثاً وحركة، حول الحريات والديمقراطية وضرورة إسقاط الأنظمة الديكتاتورية؟ هل هناك اليوم أكثر ديكتاتورية وتوحشاً وتوغلاً في دماء الأبرياء وحقوقهم من «إسرائيل»؟ مجرد سؤال لن يسمع، موجه للمدافعين الشرسين عن حقوق الإنسان في العالم الغربي!! |ayya-222@hotmail.com